فلا يبقى للترجيح بمفاد الأخبار العلاجيّة إلّا الموارد النادرة.
واستدلّ على القاعدة بهذا المعنى : أوّلا : بإجماع العلماء ، كما ذكره الأحسائي قدسسره. وجوابه : مع عدم شمول أدلّة الحجّيّة للإجماع المنقول بخبر واحد أنّ سيرة الأصحاب والعلماء في الفقه خلاف ذلك من حيث العمل والفتوى ؛ فإنّا نرى كثيرا ما تمسّكهم بالأخبار العلاجيّة في الخبرين المتعارضين مع إمكان الجمع بالمعنى المذكور ـ أي جهات من التأويل ـ فيهما ، فيلزم أن يكون مورد الأخبار العلاجيّة مع كثرتها في غاية القلّة.
وثانيا : بأنّ الأصل في الدليلين الإعمال ، فيجب الجمع بينهما بما أمكن ؛ لاستحالة الترجيح من غير مرجّح.
وجوابه ـ بعد عدم انطباقه على المدّعى ؛ فإنّ مفاد القاعدة تقدّم الجمع على الأخبار العلاجيّة وإعمال المرجّحات بلا فرق بين وجود الترجيح وعدمه ، ومفاد الدليل تقدّمه في صورة فقدان المرجّح ـ أنّ المراد من الدليلين إن كان الدليلين المتعارضين لا نسلّم أن يكون الأصل فيهما الإعمال ، بل الأصل فيهما التساقط بمقتضى حكم العقل كما ذكر في محلّه ، وإن كان الدليلين مع قطع النظر عن التعارض فلا يرتبط بالبحث.
وثالثا : بأنّ دلالة اللفظ على تمام معناه أصليّة وعلى جزئه تبعيّة ، وعلى تقدير الجمع يلزم إهمال الدلالة التبعيّة ، وهو أولى ممّا يلزم على تقدير عدمه ، وهو إهمال الدلالة الأصليّة.
وجوابه : أنّ هذا الدليل أيضا لا ينطبق على المدّعى ؛ فإنّ تمام المدلول وجزء المدلول يتصوّر في العامّ والخاصّ فقط ؛ إذ دلالة «أكرم العلماء» ـ مثلا ـ بالنسبة إلى مجموع أفراده دلالة أصليّة ، وبالنسبة إلى بعض أفراده دلالة تبعيّة ، فإذا