ـ كما يكون كذلك في مثل لفظ الإنسان بما أنّه لفظ موضوع للماهيّة ـ لكنّ الاحتجاج به يستمرّ إلى أنّ يأتي من المولى ما يدلّ على خلافه ، مثل : قوله : «لا تعتق الرقبة الكافرة».
ويستفاد منها أنّ المولى إذا قال : «لا تكرم الفاسق» ـ بعد فرض تماميّة شرائط الإطلاق ومقدّمات الحكمة ـ ثمّ قال : «أكرم كلّ عالم» ـ بعد نظارته إلى الأفراد بالدلالة اللفظيّة الوضعيّة ـ فيصلح أن يكون هذا العامّ مقيّدا لإطلاق المطلق ومسقطا له عن صلاحيّة الاحتجاج ، فلا يبعد الالتزام بتقدّم العامّ وتقييد المطلق عند دوران الأمر بين التخصيص والتقييد ، كما قال به الشيخ قدسسره من هذا الطريق ، لا من طريق أظهريّة الدلالة وظاهريّتها.
وظهر ممّا ذكرنا : أنّه عند تعارض بعض المفاهيم مع بعض آخر ـ على فرض ثبوتها ـ لا ترجيح لواحد منهما على الآخر لو كان ثبوت كلّ منهما بضميمة مقدّمات الحكمة ، كما في مفهوم الشرط ومفهوم الوصف.
نعم ، لو كان أحد المتعارضين ممّا ثبت بالدلالة اللفظيّة ـ كما لا يبعد دعوى ذلك بالنسبة إلى مفهوم الغاية وكذا مفهوم الحصر ـ فالظاهر أنّه حينئذ لا بدّ من ترجيحه على الآخر ؛ لما مرّ من ترجيح العامّ على المطلق الراجع إلى تقديم التقييد على التخصيص.
وظهر أيضا أنّ تقسيم الإطلاق إلى الشمولي والبدلي ليس بصحيح ؛ فإنّ لفظ المطلق ـ مثل الرقبة والإنسان ـ وضع للطبيعة ، بعضّ النظر عن الكثرات والموجودات المتّحدة معها في الخارج ، والإطلاق يستفاد من مقدّمات الحكمة ، فالإطلاق يعني تمام موضوع حكم المولى هي الطبيعة والماهيّة بلا فرق بين قوله : «أعتق الرقبة» وقوله : «أكرم العالم».