أنّه يتحقّق الفرق بينهما بأنّ مفاد هذا الاحتمال أن تكون المخصّصات المنفصلة كاشفة عن اتّصال كلّ عام بمخصّصه ، سواء صدر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أو عن سائر الأئمّة عليهالسلام ، وقد خفيت علينا ووصلت إلينا منفصلة ، وما استفدناه من الرواية هو صدور جميع العمومات والمخصّصات من لسان رسول الله صلىاللهعليهوآله في زمانه ، وما ذكره سائر الأئمّة هو بيان ثان لما صدر عنه صلىاللهعليهوآله أوّلا.
مضافا إلى تحقّق المخصّصات المنفصلة أيضا بلسان رسول الله مع رعاية شرطها ـ أي قبل وقت العمل بالعامّ ـ ومنشأ الاختلاف وعدم إيصال الأحكام إلينا بتمامها هو سدّ باب العلم وحرمان الناس من معدن الوحي والحكمة.
وعلى هذا لا يلزم من الالتزام بالتخصيص في تلك المخصّصات الكثيرة تأخير البيان عن وقت العمل أصلا.
إذا عرفت ذلك : يقع الكلام في تقديم التخصيص على النسخ أو العكس فيما إذا دار الأمر بينهما ، وقد ذهب إلى كلّ فريق ، ولا بدّ قبل الورود في البحث من بيان أنّ محلّ النزاع يختصّ بمجرّد دوران الأمر بينهما مع قطع النظر عن وجود ما يدلّ بظاهره على ترجيح أحدهما.
فما أفاده المحقّق النائيني قدسسره ـ من تقدّم التخصيص على النسخ ؛ نظرا إلى أنّ النسخ يتوقّف على ثبوت حكم العامّ لما تحت الخاصّ من الأفراد ، ومقتضى حكومة أصالة الظهور في طرف الخاصّ على أصالة الظهور في طرف العامّ هو عدم ثبوت حكم العامّ لأفراد الخاصّ ، فيرتفع موضوع النسخ (١) ـ مورد للإشكال :
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٧٣٨.