بحيث لم يكن يستفاد من العامّ عند صدوره من المتكلّم إلّا العموم المحدود بما دلّ عليه العقل ـ كما أنّه لو فرض أنّه لا يستفاد عند العقلاء من قوله : «أكرم العلماء» إلّا وجوب إكرام العدول منهم ـ فلا شبهة حينئذ في أنّه لا بدّ من ملاحظته بعد التخصيص بدليل العقل مع الخاصّ الآخر ، بل لا يصدق عليه التخصيص وانقلاب النسبة.
وإن كان الدليل اللبّي كالإجماع ونحوه فلا ترجيح له على الخاصّ اللفظيّ أصلا ؛ لعين ما ذكر في الدليلين اللفظيين.
وأمّا الاحتمال الثالث فهو التفصيل بين المخصّص اللبّي المنفصل ـ كالإجماع ـ والمخصّص اللفظيّ المنفصل ، وإن نقل عن بعض المحقّقين ولكن لا وجه ولا مناط له ؛ لعدم الفرق بينهما أصلا ، لا في أنّه بعد ملاحظة الخاصّ يستكشف تضييق دائرة المراد الجدّى من أوّل الأمر وأنّ صدور العامّ كان بنحو التقنين وإفادة الحكم على النحو الكلّي ، ولا في أنّه قبل العثور على المخصّص ـ لفظيّا كان أو لبّيّا ـ تكون أصالة العموم متّبعة ، وبعد الظفر به ترفع اليد عنه ، فلا فرق بينهما أصلا.
وأمّا الكلام في المقام الثاني فقد عرفت أنّه ذهب الشيخ قدسسره إلى وقوع التعارض بين العامّ ومجموع الخاصّين ؛ نظرا إلى أنّ تخصيص العامّ بكلّ واحد منهما لا يوجب محذورا ، بل تخصيصه بهما يوجب الاستهجان أو الاستيعاب ، فلا بدّ من ملاحظة الترجيح فيهما ، وفي صورة فقده التساقط أو التخيير.
ولكن استاذنا السيّد الإمام قدسسره مخالف لهذا النظر ويقول : إنّ مجموع الخاصّين لا يكون أمرا ثالثا ورائهما ، والمفروض أنّه لا معارضة لشيء منهما مع العامّ ، فلا وجه لترتيب أحكام المتعارضين عليه وعليهما ، غاية الأمر أنّه حيث لا يمكن