تخصيص العامّ بمجموعهما يرجع ذلك إلى عدم إمكان الجمع بين الخاصّين ، لا من حيث أنفسهما ، بل من جهة أنّ تخصيص العامّ بهما يوجب الاستهجان أو الاستيعاب ، فيقع التعارض بينهما تعارضا عرضيّا ـ كما أنّ العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإنائين يوجب التعارض العرضي بين استصحاب طهارة كلّ منهما ـ فلا بدّ من معاملة الخاصّين حينئذ معاملة المتعارضين ، وعلى هذا فإن قلنا بعدم اختصاص الأخبار العلاجيّة بالتعارض الذاتي وشمولها للتعارض العرضي أيضا فلا بدّ من الرجوع إلى المرجّحات المذكورة فيها ، وإن قلنا بعدم شمولها له فلا بدّ من الرجوع إلى ما تقتضيه القاعدة في المتعارضين مع قطع النظر عن تلك الأخبار من السقوط على ما هو التحقيق ، أو التخيير كما سيأتي (١).
ومن المعلوم أنّ التحقيق والدقّة في المسألة يقتضي الالتزام بما ذكره الإمام قدسسره بخلاف ما ذكره الشيخ قدسسره ومن تبعه. كما لا يخفى.
وما ذكرناه من وقوع التعارض بين الخاصّين إنّما هو فيما لو لم يعلم بثبوت الملازمة بينهما ، وأمّا إذا علم من الخارج بتحقّق الملازمة بينهما بحيث لا يمكن التفكيك بينهما من حيث الحكم فتكون هنا صورتان ؛ إذ يعلم تارة بعدم اختلاف موردهما من حيث الحكم وثبوت الملازمة بين موردهما فقط ، كما إذا علم في المثال المتقدّم بأنّه لو كان إكرام النحويّين من العلماء حراما لكان إكرام الصرفيّين منهم أيضا كذلك.
واخرى يعلم بعدم الاختلاف بين جميع أفراد العامّ مع حيث الحكم أصلا ، كما إذا علم بأنّ حكم إكرام جميع أفراد العلماء واحد وأنّه إن كان الإكرام واجبا
__________________
(١) معتمد الاصول ٢ : ٣٦٧ ـ ٣٦٨.