فموسّع عليك» (١).
ويرد عليه : أنّ الفرق بين الأمارات والاصول العمليّة عبارة عن ترتّب الآثار واللوازم والملازمات العقليّة والعاديّة على الأمارات ، بخلاف الاصول ؛ لعدم حجّيّة مثبتات الاصول ، ولازم هذا القول الاقتصار في مقام الأخذ بأحد الخبرين على مجرّد مدلوله المطابقي دون لازمه ؛ لما ذكرنا من كون التخيير هنا بعنوان الأصل العملي والحكم الظاهري لتساقط الأمارتين ، مع أنّ هذا مخالف لما استفاده المحقّقين في هذا الفن من التخيير المستفاد من الأخبار العلاجيّة من ترتّب جميع المداليل المطابقيّة والالتزاميّة على الخبر الذي أخذه في هذا المقام ، ومعاملته كأنّ لم يكن له معارض ، فلا يمكن الالتزام بهذا القول.
وقد يقال بأنّ مرجع جعل التخيير لتلك الأخبار إلى جعل الطريقيّة من الشارع عند التعارض في مقابل إمضائه طريقيّة ما هو طريقا عند العقلاء في صورة عدم المعارضة ، مثل : إمضاء طريقيّة الخبر.
ويرد عليه : أوّلا : أنّ أصل جعل الطريقيّة والكاشفيّة ولو مع عدم التعارض غير معقول ؛ لكونها من الامور التكوينيّة ومن اللوازم العقليّة للكاشف ، ولا يعقل تعلّق الجعل الشرعي بها.
وبعبارة اخرى : أنّ الكاشفيّة والطريقيّة محفوظة لجميع الطرق الظنّية ، ولا تكون قابلة للسلب عنها ، وما يكون قابلا للجعل من الشارع هو اعتبارها وحجّيّتها ، فلذا يعبّر عن بعضها بالأمارة الغير المعتبرة ، وعن بعض آخر بالأمارة المعتبرة.
وثانيا : أنّه إن كان المراد جعل الطريقيّة لكلا الخبرين فهو مستحيل بعد
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٨٨ ، الباب ٩ ، من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٤.