الذي يشكّ في الحكم الفلاني بالشبهة الحكميّة ، وهو الذي يجيء عنده الخبران المتعارضان ، وغير ذلك من الموضوعات ، ومع انحصار تحقّق الموضوع به لا تكون تلك الخطابات شاملة لغيره.
هذا ، ولكنّ الظاهر خلافه ؛ لأنّ مجرّد كون المقلّد غير مشخّص لموضوعات تلك الخطابات لا يوجب انحصارها بالمجتهد ، بل يمكن أن يقال : بأن المجتهد يشخّص الموضوع للمقلّد ويفتي بمفاد تلك الخطابات ، وبالنتيجة يكون جريانها في ذلك الموضوع عند المقلّد ، فالمجتهد يعلّم المقلّد بأنّ صلاة الجمعة كانت واجبة في عصر ظهور أئمّة النور عليهمالسلام ، والآن مشكوك الوجوب ، ويفتي بأنّ كلّ شيء كان كذلك يحرم نقض اليقين فيه بالشكّ على ما هو مدلول خطابات الاستصحاب ، فالمقلّد حينئذ يتمسّك بالاستصحاب ويحكم بوجوبها في هذه الأعصار أيضا.
وإن كانت الشبهة حكميّة فلا يصحّ القول بالتبعيض في خطاب واحد ، مثل : قولهعليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ» ، وقوله عليهالسلام : «كلّ شيء لك حلال» ، والحكم المستفاد منه من حيث عموميّته بالنسبة إلى المجتهد والمقلّد في الشبهات الموضوعيّة واختصاصه بالمجتهد في الشبهات الحكميّة ، ومجرّد كون تشخيص الموضوع فيها بيد المجتهد لا يوجب اختصاص الخطاب به ، بل الخطاب والحكم عامّ.
والحاصل : أنّ المجتهد عند تعارض الخبرين يتخيّر بين الأخذ بمفاد أحد الخبرين والفتوى على طبقه ، كالأخذ بالخبر مع عدم المعارض له ، وبين إعلام المقلّد بالحال وأنّ هذا المورد ممّا ورد فيه الخبران المتعارضان وحكمه التخيير في الأخذ ، وبين الفتوى بالتخيير في مقام العمل من دون إعلامه بالحال.