الواردة في البئر ومنزوحاته حيث استكشف منه الاستحباب ؛ نظرا إلى أنّ الاختلاف خصوصا مع كثرته لا يجتمع مع الحكم الإيجابي ، بل هو دليل على أصل الرجحان ، والاختلاف محمول على مراتبه من الشدّة والضعف (١).
ونقول : لا بدّ من ملاحظة أخبار الترجيح والتكلّم في مفادها حتّى يظهر أنّ المرجّح لإحدى الروايتين على ما هو المجعول شرعا المدلول عليه الأخبار ليس إلّا واحدا أو اثنين ، وتقييد أخبار التخيير به لا يوجب إخراج أكثر الأفراد ، ولا مانع منه أصلا ، خصوصا بعد ما عرفت من أنّه ليس في الروايات التي ادّعي كونها دليلا على التخيير إلّا رواية واحدة دالّة عليه ، وقد تقدّمت ، وغيرها قاصر من حيث الدلالة جدّا.
والعمدة في هذا الباب هي المقبولة (٢) ، وذكرها المشايخ الثلاثة ، والإشكال فيها من حيث السند ؛ لعدم ورود القدح والمدح في شأن عمر بن حنظلة ، فلا اعتبار لها في نفسها ، ولكن يمكن أن يقال : إنّ استناد المشهور إليها في مقام الفتوى ومقبوليّتها عندهم يوجب جبران ضعفها ، إلّا أنّه يستلزم الدور ، ولا يمكن القول بهذا المعنى في نفس المقبولة ؛ لعدم إمكان تقوية سندها بما يستفاد من متنها ، وهكذا نقل أصحاب الإجماع مثل : صفوان بن يحيى عنه أيضا لا يوجب جبر ضعف السند كما ذكرنا مرارا.
إلّا أنّ عدد الرواة عن عمر بن حنظلة في أبواب مختلفة اثنان وعشرون نفرا وكلّهم مسلّم الوثاقة إلّا رجلين منهم ، وهذا يوجب الاطمئنان بكونه مورد اعتمادهم.
__________________
(١) درر الفوائد : ٦٦٥ ـ ٦٦٧.
(٢) الكافي ١ : ٦٧ ، كتاب فضل العلم باب اختلاف الحديث ، الحديث ١٠.