الموضوعيّة ، والمراجعة إليه في الشبهات الحكميّة مضحك للثكلى.
وهذا المعنى يؤيّد بظاهر رواية داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجلين اتّفقا على عدلين ، وجعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف ، فرضيا بالعدلين ، فاختلف العدلان بينهما ، عن قول أيّهما يمضي الحكم؟ قال : «ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما ، فينفذ حكمه ، ولا يلتفت إلى الآخر» (١).
وهكذا يؤيّد بما يظهر من رواية موسى بن أكيل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سئل عن رجل يكون بينه وبين أخ منازعة في حقّ ، فيتّفقان على رجلين يكونان بينهما ، فحكما فاختلفا فيما حكما ، قال : «وكيف يختلفان؟» قلت : حكم كلّ واحد منهما للذي اختاره الخصمان ، فقال : «ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله فيمضي حكمه» (٢).
فكلاهما ظاهران في مسألة القضاء ، وهكذا في المقبولة ، فإنّ الإمام عليهالسلام بعد ما ذكرنا ، قال : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث ، وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر» ، الحديث.
والحاصل : أنّ الأوصاف المذكورة في كلام بعنوان المرجّح لا ترتبط بالخبرين المتعارضين ، فإنّ الأعدليّة والأورعيّة ونحو ذلك تكون من مرجّحات الحاكم ، لا من مرجّحات الخبر ولا ملازمة بينهما ، مضافا إلى أنّ التخيير في الخبرين المتعارضين أمر شائع ، مع أنّه لا يعقل التخيير في باب القضاء وفصل الخصومة وتعارض الحكمين ، فلا ترتبط هذه المرجّحات بباب
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٨٠ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠.
(٢) المصدر السابق ، الحديث ٤٥.