لكلّ مرجّح علّة خاصّة ومناطا على حدة بعضها منصوص ومعلوم ، وبعضها ليس بمعلوم لنا.
وإن كانت العلّة موجبة للتعدّي إلى المرجّحات غير المنصوصة فلا بد من الالتزام بتقدّمها على موافقة الكتاب ومخالفة العامّة بمقتضى تحقّق العلّة فيها دونهما ، والتالي باطل فالمقدّم مثله ، فلا يمكن التمسّك بعموم التعليل هنا.
مضافا إلى أنّ حمل «لا ريب فيه» المطلق على «لا ريب فيه» الإضافي محدود عرفا بما هو أقرب إلى المطلق من حيث الاحتمال.
نعم ، يمكن إثبات التعدّي بأنّ التخيير في الخبرين المتعارضين بمقتضى الروايات على خلاف القاعدة كما عرفت ، فإن كان للروايات الدالّة على التخيير إطلاق ـ بعد تقييدها بالمرجّحات المنصوصة ـ لا يبقى مجال للتعدّي عنها ، وإن لم يكن لها إطلاق ـ بعد كونه على خلاف القاعدة ـ يقتصر فيه على القدر المتيقّن ، وهو فيما لم يتحقّق أيّ نوع من المرجّحات ، ففي صورة تحقّق المرجّح غير المنصوص أيضا لا تصل النوبة إلى التخيير.
وهكذا ، إن كان مستند التخيير فيهما هو إجماع الفقهاء على خلاف القاعدة ، وهو الدليل اللّبّي ، والمتيقّن منه صورة فقد جميع المرجّحات.
هذا تمام الكلام في باب التعادل والتراجيح.
وقد فرغت من تقرير هذا البحث يوم الخميس الخامس عشر من شهر ربيع الثاني ١٤٢٨ هجري قمري ، المصادف ١٣ / ٢ / ١٣٨٦ هجري شمسي.