أصالة عدم النقل أيضا تكون من هذا القبيل.
الاحتمال الثاني : أن يكون الاستصحاب من الأمارات ، وكانت له كاشفيّة وطريقيّة إلى الواقع ، مثل طريقيّة خبر الواحد إلى الواقع ، وعلى هذا يمكن أن يكون طريقا شرعيّا محضا من دون أيّ دخل لسيرة العقلاء ، ويمكن أن يكون طريقا عقلائيّا أمضاه الشارع كما أمضى طريقيّة خبر الواحد.
الاحتمال الثالث : أن يكون الاستصحاب وظيفة مجعولة للشاكّ الكذائي للتحفّظ على الواقع ، نظير ما قال به الأخباريّون من الاحتياط في الشبهات البدويّة ، وكما أنّ الاحتياط في شرب المشكوك بالشكّ البدوي يكون للتحفّظ على الواقع ، كذلك الاستصحاب يكون للتحفّظ على الواقع.
الاحتمال الرابع : أن يكون الاستصحاب حكما من أحكام العقل ، ولكنّ حكم العقل قد يكون حكما عقليّا مستقلّا ، وهو ما يعبّر عنه بالمستقلّات العقليّة كحكمه بأنّ الظّلم قبيح ، وقد يكون حكما عقليّا غير مستقلّ بمعنى أنّ حكم العقل يحتاج إلى ضميمة مقدّمة من الشارع ، كحكم العقل بالملازمة بين وجوب المقدّمة وذيها ، فإنّه حكم عقليّ غير مستقلّ ؛ لاحتياجه إلى بيان الشارع في الأمر بالصلاة أوّلا بقوله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ، ثمّ حكم العقل بتحقّق الملازمة بين وجوب الشرعيّ الصلاة ووجوب شرعيّ الوضوء ، من باب المقدّمة ، فيمكن أن يكون الاستصحاب من هذا القبيل ، فكما أنّ العقل حاكم بتحقّق الملازمة بينهما كذلك إذا تيقّنت بوجوب صلاة الجمعة ـ مثلا ـ في عصر الحضور وشككت في وجوبه في عصر الغيبة يحكم العقل بتحقّق الملازمة بين وجوبها في زمان الحضور ووجوبها في زمان الغيبة.
وبعد الفراغ من بيان الاحتمالات في موقعيّة الاستصحاب فلنبدأ في بيان التعاريف المناسبة لها.