فيشكّ العقل في حسن الإنقاذ الخارجي وقبحه ، ويشكّ في حكمه الشرعي.
مثال الثاني : أنّه قد يكون حيوان غير مؤذ في الخارج ، فيحكم العقل بقبح قتله ، ثمّ يشكّ بعد بلوغه في صيرورته مؤذيا ، فيشكّ في حكمه الشرعي ، فاستصحاب الحكم العقلي في مثل المقامات ممّا لا مجال له ؛ لأنّ حكم العقل مقطوع العدم ، فإنّ حكمه فرع إدراك المناط ، والمفروض أنّه مشكوك فيه.
وأمّا الحكم الشرعي المستكشف منه ـ قبل الشكّ في عروض العنوان المزاحم عليه ـ فلا مانع من استصحابه إذا كان عروض العنوان أو سلبه عن الموضوع الخارجي لا يضرّان ببقاء الموضوع عرفا ، كالمثالين المتقدّمين ، فإنّ عنوان السابّ والمؤذي من الطوارئ التي لا يضرّ عروضها وسلبها ببقاء الموضوع عرفا.
فتلخّص ممّا ذكرنا : جواز جريان الاستصحاب في الأحكام المستكشفة من الحكم العقلي».
وحاصل كلامه قدسسره : أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستكشف من الحكم العقلي ولو لم يكن للعقل من حيث البقاء حكم ، كما أنّه قد يثبت الحكم الشرعي من الكتاب والسنّة أو الإجماع حدوثا ، ويثبت بالاستصحاب بقاء ، كذلك في الحكم المستفاد من العقل ، فما ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره من عدم وجدان الشكّ في البقاء في الأحكام الشرعيّة المستكشفة من العقل بعنوان السالبة الكلّيّة ليس بتامّ ، فإنّا وجدناه موجبة جزئيّة. هذا كلّه بالنّسبة إلى التفصيل الأوّل للشيخ الأنصاري قدسسره.
والمهمّ التفصيل الثاني الذي التزم به الشيخ الأنصاري قدسسره (١) ، وهو التفصيل
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٤٧.