بين كون الشكّ من جهة المقتضي وبين كونه من جهة الرافع ، فأنكر جريان الاستصحاب في الأوّل دون الثاني ، وتتحقّق ثلاثة احتمالات في مراده من المقتضي والرافع في بادئ النظر:
الأوّل : أن يكون المراد من المقتضي هو مناط الحكم وملاكه الذي اقتضى تشريع الحكم على طبقه ، والمراد من الرافع هو الحائل والمانع من تأثير الملاك في الحكم بعد العلم بأنّ فيه ملاك التشريع ، فيكون الشكّ في المقتضي عبارة عن الشكّ في ثبوت ملاك الحكم عند انتفاء بعض خصوصيّات الموضوع ؛ لاحتمال أن يكون لتلك الخصوصيّة دخل في الملاك ، والشكّ في الرافع عبارة عن الشكّ في وجود ما يمنع من تأثير الملاك في الحكم بعد العلم بثبوته ؛ لاحتمال أن يكون لتلك الخصوصيّة المنتفية دخل في تأثير الملاك.
الثاني : أن يكون المراد من المقتضي ما جعله الشارع سببا ، إمضاء أو تأسيسا ، مثل جعل عقد النكاح سببا للزوجيّة ، والمراد من الرافع ما جعله الشارع مانعا ورافعا لتأثير الملاك كالطلاق ـ مثلا ـ ، فيكون الشكّ في المقتضي عبارة عن الشكّ في بقاء اقتضاء العقد للزوجيّة أو الوضوء للطّهارة عند انتفاء بعض الخصوصيّات ، والشكّ في الرافع عبارة عن الشكّ في رافعيّة قول الزوج : «أنت خليّة» أو خروج المذي عقيب الطهارة ـ مثلا ـ مع العلم ببقاء المقتضي.
الثالث : أن يكون المراد من المقتضي استعداد بقاء الحكم وقابليّته ، والمراد من الرافع ما هو المانع من الاستعداد والقابليّة.
والظاهر من عبارة الشيخ قدسسره في الموارد المتعدّدة أنّ مراده هو الاحتمال الثالث.