واستدلّ المحقّق النائيني رحمهالله لهذا المعنى بقوله (١) : «فإنّ القول بعدم حجّيّة الاستصحاب عند الشكّ في المقتضي بأحد الوجهين المتقدّمين يساوق القول بعدم حجّيّة الاستصحاب مطلقا ؛ فإنّه لا طريق إلى إحراز وجود ملاك الحكم أو إحراز بقاء المقتضيات الشرعيّة في باب الأسباب والمسبّبات عند انتفاء بعض خصوصيّات الموضوع أو طروّ بعض ما يشكّ معه في بقاء الأثر ؛ إذ العلم ببقاء الملاك أو الأثر يستحيل عادة لمن لا يوحى إليه إلّا من طريق الأدلّة الشرعيّة ؛ فإنّه لا يمكن إثبات كون الوضوء أو النكاح المتعقّب بالمذي أو بقول الزوج : «أنت خليّة» مقتضيا لبقاء الطهارة وعلقة الزوجيّة.
وبالجملة ، لو بنينا على عدم حجّيّة الاستصحاب عند الشكّ في المقتضي بأحد الوجهين يلزم سدّ باب جريان الاستصحاب في جميع المقامات ؛ إذ ما من مورد إلّا ويشكّ في تحقّق المقتضي بمعنى الملاك أو بمعنى اقتضاء السبب ، فالظاهر أنّ مراده من المقتضي هو مقدار قابليّة المستصحب للبقاء في الزمان».
واستشكل عليه استاذنا السيّد الإمام قدسسره (٢) بقوله : «وأنت خبير بما فيه ، فإنّ الاقتضاء بالمعنى المعروف لدى الشيخ لا طريق إلى إحرازه في الأحكام الشرعيّة أيضا إلّا من قبل الدليل الشرعي ، كما اعترف به فيما بعد ، فلو دلّ الدليل الشرعي على أنّ الحكم الفلاني مستمرّ ذاتا لو لا الرافع إلى الأبد ، أو إلى غاية كذائيّة ، يستكشف منه المقتضي بمعنى الملاك ، فلا يكون الشكّ حينئذ في بقائه من قبل الشكّ في المقتضي ، لا بالمعنى المعروف ولا بمعنى الملاك.
وبالجملة ، لمّا لا يكون حكم إلّا عن ملاك فأصل الحكم يكشف عن أصل
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٣٢٥.
(٢) الاستصحاب : ٢٠.