الجواب لأنّ الأمر فيما نحن فيه دائر بين مجاز واحد وإن كان بعيدا وهو حمل النقض على المعنى الثالث ، وبين مجازين أحدهما في لفظ النقض وإن كان أقرب والآخر تخصيص اليقين بصورة الشك في المقتضي ، ويمكن أن يكون المجاز الواحد وإن كان بعيدا أرجح من مجازين وإن كان أحدهما أقرب من الأول ، وإن سلّمنا كون الفعل الخاص قرينة لتخصيص المتعلّق في نفسه فإنّ ذلك فيما إذا كان الفعل حقيقة في الخاص وظاهرا فيه لا في مثل المقام من دوران الأمر بين حمل الفعل على الخاص مجازا المستلزم لارتكاب مجاز آخر في المتعلّق والحمل على العام من دون لزوم خلاف ظاهر آخر.
قوله : كما في قول القائل لا تضرب أحدا (١).
يمكن أن يمنع ظهور لفظ أحد في أعم من الحي والميت بل منصرف إلى الحي ، ألا ترى أنّه لو قيل ما رأيت أحدا يصدق ذلك مع فرض أنه رأى ميتا.
قوله : لأنّ التصرّف لازم على كلّ حال (٢).
توضيحه : أنّ نفس اليقين قد انتقض قطعا بفرض عروض الشك فلا معنى للنهي عن نقضه الاختياري ، فلا بدّ أن يتعلق النهي عن النقض بما هو قابل للنقض الاختياري وليس إلّا نفس المتيقّن أو آثاره التي يمكن إسنادها إلى اليقين ويقال إنّها آثار اليقين ، وعلى الأول يكون المجاز في اللفظ وعلى الثاني يكون من باب مجاز الحذف. وفيه ما مرّ مرارا من جواز النهي عن نقض اليقين تنزيلا والأمر بابقاء اليقين تنزيلا باعتبار بقاء الآثار ولا يحتاج فيه إلى ارتكاب مجاز أصلا.
فإن قلت : على هذا يدور الأمر بين ارتكاب هذا التنزيل وبين ارتكاب
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٧٩.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٧٩.