المجاز أو الحذف وكلاهما خلاف الظاهر فما وجه الترجيح.
قلت : على التقديرين يلزم ارتكاب التنزيل ، إذ كما أنّ نقض نفس اليقين غير معقول بعد الشك لكونه منقوضا بنفس الشك قهرا كذلك نقض المتيقّن المشكوك فيه أو آثار اليقين المشكوكة الوجود أيضا لا يمكن على نحو التنجيز ، والحاصل أنّه لا بدّ في صدق النقض من وجود متعلّق له فما لم يحرز وجوده لم يصدق حقيقة النقض سواء كان المتعلّق مقطوع العدم أو مشكوك الوجود ، وحينئذ نقول معنى لا تنقض المتيقّن ليس إلّا تنزيل المتيقّن المشكوك الوجود منزلة الموجود باعتبار الآثار ، فإذا احتيج بالأخرة إلى هذا التنزيل نلتزم بهذا من الأول من دون ارتكاب مجاز ونقول المعنى أنّه لا تنقض اليقين ولا ترفع اليد عنه ونزّله منزلة الموجود باعتبار ترتيب الآثار ، ومحصّل معنى «لا تنقض اليقين» على هذا كن كما أنّك متيقّن واعمل كما تعمل حال اليقين ، كما أنّ المعنى على ما ذكره المصنّف اعمل كما كنت تعمل حين وجود المتيقّن ، وقد مرّ في بيان حديث الرفع في رسالة البراءة ما ينفعك هنا فتذكّر.
قوله : بل المراد نقض ما كان على يقين منه وهو الطهارة السابقة أو أحكام اليقين الخ (١).
ظاهر هذا الكلام أنّ مفاد قوله لا تنقض المتيقّن متّحد مع مفاد لا تنقض آثار اليقين عموما وخصوصا ، مع أنه ليس كذلك لأنّ الأول يشمل ما إذا كان المتيقن حكما شرعيا تكليفيا كوجوب شيء أو حرمته ، ومعنى عدم نقضه الحكم ببقائه فيترتّب عليه حكم العقل بوجوب الاطاعة ، بخلاف الثاني إذ لا أثر شرعيا للحكم الكذائي حتى يحكم ببقائه ولازمه عدم جريان استصحاب الحكم الشرعي
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٧٩.