قوله : والمراد بأحكام اليقين ليس أحكام نفس وصف اليقين (١).
فيه تأمّل ، إذ يمكن للشارع تنزيل غير اليقين منزلة وصف اليقين والحكم بترتّب آثاره عليه كما هو كذلك في سائر التنزيلات الشرعية ، وأيّ فرق بين تنزيل الشارع التيمم منزلة الوضوء والطواف منزلة الصلاة وبين تنزيل الشك المسبوق باليقين منزلة اليقين ، وحينئذ نقول لا مانع من إرادة آثار نفس اليقين والمتيقن معا ، وكذا على ما اخترنا في معنى الأخبار من أنّ المراد النهي عن نقض نفس اليقين يمكن أن يكون ذلك بملاحظة آثار نفس اليقين والمتيقن كليهما ، فمعنى لا تنقض اليقين افرض اليقين الزائل باقيا واعمل كما كنت تعمل لو كنت متيقنا بالنسبة إلى جميع أحكام حال يقينك.
فإن قلت : أخذ آثار المتيقّن مبني على أخذ اليقين طريقا إلى متعلّقه ، وأخذ آثار وصف اليقين مبني على حمل اليقين على اليقين الموضوعي ولا يمكن الجمع بين المعنيين لعدم الجامع بينهما ، وذلك نظير ما حقّقه المصنّف في أول رسالة التعادل والترجيح بعد ما احتمل أن يكون حجّية أخبار الآحاد من باب الطريقية أو من باب الموضوعية قال : لا يمكن الجمع بينهما وحمل أدلّة حجّيتها على الوجهين لعدم الجامع بين الجهتين.
قلت : قد عرفت الجامع بين الأمرين فيما نحن فيه وهو تنزيل اليقين المعدوم منزلة الموجود في جميع ما كان يترتّب على اليقين طريقا وموضوعا ، وهذا بخلاف مسألة حجّية الخبر فإنه لو اريد إثبات حجّيته بكلا الاعتبارين بقوله صدّق العادل مثلا لزم استعمال أمر صدّق في الوجوب الغيري بالنسبة إلى الطريقية والوجوب النفسي بالنسبة إلى الموضوعية ، ولا جامع بين الوجوب النفسي
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٧٩.