كذلك أصالة عدم الخروج عن عهدة التكليف الثاني مع الجلوس في الزمن المشكوك تقتضي وجوب عدم الجلوس فيحصل التعارض ويحتاج إلى الرجوع إلى أصل آخر.
قوله : فإن قلنا بتحريم الاشتغال كما هو الظاهر الخ (١).
توضيحه : أنّ المحرم الموقت أي الموضوع الواحد الملحوظ فعلا واحدا بين حدّين من الزمان يحتمل وجهين ، أحدهما : أن يكون الاشتغال بذلك الفعل من أوّل الوقت محرّما واقعا مطلقا بحيث لو بدا له في إتمام الفعل إلى آخر الوقت كان القدر المأتي به من الفعل محرّما في الواقع.
ثانيهما : أن يكون مجموع الفعل من أوّل الوقت إلى آخره من حيث المجموع محرّما بحيث لو بدا له في الأثناء ولم يتمه لم يكن آتيا بالمحرّم واقعا بل كان تجريا ، ونظير ذلك ما ذكره المصنف في فقهه في مبحث حرمة عمل الصور المجسّمة من كتاب المكاسب من أنه يحتمل أن يكون معنى حرمة عمل الصورة حرمة الاشتغال به ولو لم يتمه ، ويحتمل أن يكون معناها حرمة مجموع الصورة من حيث المجموع حتى أنه لو اشتغل بعمل الصورة ثم بدا له في إتمامه لم يكن منه إلّا التجري ، ففيما نحن فيه على كلا التقديرين عند الشك في تحقق الغاية ليس مجرى لقاعدة الاشتغال كما كان كذلك فيما لو كان التكليف المتعلق بمثله أمرا.
ووجه عدم جريان القاعدة ، أمّا على الاحتمال الأول أنه إذا اشتغل المكلف بالفعل الكذائي من أول الوقت إلى الزمان المشكوك فقد فعل المحرم قطعا بالنسبة إلى ما أتى به ، وفي الزمان المشكوك لا يعلم أصل التكليف متعلقا به حتى يكون مجرى للاشتغال بل يكون المورد مجرى لاستصحاب الحرمة لكونها متيقنة في
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٨٠.