الكلي دون أحكام الفرد من حيث خصوصيته ، ولو فرض هناك أصل حاكم على ذاك الاستصحاب فهو أمر آخر لا ينافي ما نحن بصدده.
والتحقيق أنّ الأصل الحاكم في غير القسم الأول من الأقسام الثلاثة وهي أصالة عدم حدوث الفرد الذي يوجد في ضمنه الكلي في الزمان الثاني موجود إلّا أنه مبتلى بالمعارض في بعض الصور كبعض أمثلة القسم الثاني وهي أصالة عدم حدوث الفرد الآخر ، فبعد تعارض الأصلين وتساقطهما يبقى استصحاب الكلي سليما ، وفي غير صورة وجود المعارض العمل على الأصل الحاكم دون المحكوم ، ولا يخفى أنّ الأصل الحاكم في جميع أمثلة القسم الثالث موجود من غير معارض ولا يدخل تحت الاصول المثبتة كما يظهر من المتن فليتأمل.
ثم إنّ للمصنف كلاما يناسب المقام قد ذكره في بحث المعاطاة من كتاب المكاسب (١) فإنه بعد ما تمسك للقول بكون المعاطاة مفيدة للزوم على القول بافادتها للملكية بأصالة اللزوم بمعنى أصالة بقاء الملكية عند فسخ أحد المتعاطيين قال : ودعوى أنّ الثابت هو الملك المشترك بين المتزلزل والمستقر ، والمفروض انتفاء الفرد الأول بعد الرجوع ، والفرد الثاني كان مشكوك الحدوث من أول الأمر فلا ينفع الاستصحاب ، بل ربما يزاد استصحاب بقاء علقة المالك الأول ، مدفوعة مضافا إلى إمكان دعوى كفاية تحقق القدر المشترك في الاستصحاب فتأمّل ، بأنّ انقسام الملك إلى المتزلزل والمستقر ليس باعتبار اختلاف في حقيقته ، وإنما هو باعتبار حكم الشارع عليه في بعض المقامات بالزوال برجوع المالك الأصلي ، ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف حقيقة السبب المملك لا اختلاف حقيقة الملك ، فجواز الرجوع وعدمه من الأحكام الشرعية للسبب لا من الخصوصيات
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٥١.