ثمّ لا يخفى أنّ ما يذكره الفقهاء في كتبهم الاستدلالية على ما هو المتداول بينهم من إيراد الأدلّة في جزئيات المسائل والنقض والإبرام ودفع الشبهات والمناقشات ونحوها ليس من الفقه لأنّه ليس من مسائله ولا من الاصول ، بل هو إعمال لمسائل الاصول وتطبيق لها على المورد ، وبعبارة اخرى كيفية نفس الاستنباط الذي مهّدت قواعد الاصول لأجله ، كما أنّ ما يذكره الاصوليون في كتبهم الاستدلالية من أمثال ما ذكر ليس من الاصول ، فالمسألة الاصولية مثلا أنّ العام المخصّص حجّة في الباقي ، وسائر الامور المذكورة في ذاك الفصل من الأدلّة والنقض والإبرام من كيفية استنباطها لا المسائل.
قوله : أمّا على القول بكونه من الاصول العملية (١).
محصّل ما حقّقه أنّ الاستصحاب على القول باعتباره من باب الظنّ من الأدلّة والبحث عنه بحث عن الدليل ، إذ يكون هذا الظنّ دليلا على المسائل الفرعية على فرض حجّيته ، وعلى القول باعتباره من الأخبار من المسائل والقواعد الفقهية ، ولكن لا يخفى أنّ هذا التفكيك في معنى الاستصحاب بالنسبة إلى المذهبين تفكيك بعيد ركيك ، وعلى هذا فالمناسب أحد الأمرين إمّا أن يجعل الاستصحاب عبارة عن الظنّ بالبقاء ويجعل دليل اعتبار هذا الظنّ حكم العقل على قول وأخبار حرمة نقض اليقين على القول الآخر بدعوى دلالة تلك الأخبار على حجّية الظنّ الاستصحابي كما قيل ، وإمّا أن يجعل عبارة عن إبقاء ما كان من الحكم الشرعي على القولين ويكون دليل هذا الحكم حكم العقل أو الأخبار على
__________________
ولا ضير في تعرّض الاصولي لها أحيانا عند مسيس الحاجة إليه أو لأجل مناسبة دعته إليه وكم له من نظير.
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٨.