من يدّعي النبوّة ونسخ الشريعة السابقة على العمل على الشريعة السابقة حتى يعلم نسخها.
ثم لا يخفى أنّ ما ذكرنا كله إنما ينفع لمن شك في حقّية الشريعة اللاحقة بعد العلم بحقّية الشريعة السابقة واستمرارها إلى أن ينسخ فلا ينفع من كان متيقنا بإحدى الشريعتين فافهم.
قوله : فعلم مما ذكرنا أنّ ما يحكى من تمسك بعض أهل الكتاب في مناظرة بعض الفضلاء السادة (١).
قيل أنّ المناظر هو بحر العلوم السيد مهدي الطباطبائي وهو بعيد ، لأنه أجلّ شأنا من مثل هذه المناظرة وإفحامه كما حكاه في القوانين (٢) وقيل إنه السيد حسين أو السيد محسن القزويني ، وكيف ما كان الظاهر أنّ الكتابي لم يرد الاستدلال على حقّية دينه بالاستصحاب الظنّي الثابت في الشريعة التي ينكرها الكتابي جزما فإنه من أقبح الفساد ، بل عرفت أنه غير شاك في دينه ، وكذا السيد المناظر له ، بل غرضه إلزام المسلمين بما يعترفون به ويسلّمونه من الكتابي ومطالبة البيّنة على خلافه ، تقريره : أنّ المتسالم بيننا وبينكم أنّ موسى (عليهالسلام) أو عيسى (عليهالسلام) كان نبيا ، وأنّ نبوّته باقية إلى زماننا على تقدير عدم صحة نبوّة محمد (صلىاللهعليهوآله) ، وإنّما اختلفنا في صحة نبوّة محمّد (صلىاللهعليهوآله) ، فعلى المدّعي الاثبات ، وهذا من دأب المناظرة فإنّ كل من يدّعي أمرا حادثا وقضية جديدة يطالبونه بالبيّنة ، فإن أقام غلب على خصمه وإن عجز انقطع لسانه في المناظرة ، ولا يدل ذلك على بطلان مدّعاه وحقّية مقالة الخصم ، بل
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٦٠.
(٢) القوانين ٢ : ٧٠.