__________________
الثاني : أن نلتزم بأنّ خطاب لا تنقض مختصّ بالمجتهد بقرينة تعليقه على موضوع لا يتحقّق في غيره ومع ذلك الحكم المستفاد منه عام شامل لجميع المكلّفين ، وهذا نظير وجوب الاجتهاد والافتاء المستفاد من آية النفر وغيره فإنّ الخطاب بذلك مختصّ بالمجتهد إلّا أنّ الحكم المستنبط حكم الجميع ، بيان ذلك أنّ المجتهد إذا تيقّن بالحكم في زمان علم أنّه حكم عامّ شامل له ولغيره ، بل ربما يكون الحكم مختصّا بغيره كما إذا لم يكن داخلا في موضوعه كالأحكام المتعلّقة بخصوص النساء والخناثى ونحوها ، ثمّ إذا شكّ في بقاء هذا الحكم المتيقّن في السابق في حقّ من تعلّق به الحكم أوّلا يقينا ، يحكم ببقائه في حقّه بدليل لا تنقض وإن كان المكلّف بالحكم المزبور غافلا عن ذلك كلّه ثمّ يفتي بذلك ويجب على مقلّده أن يعمل به ولا محذور ، وبمثل ذلك يجاب عن الإشكال في سائر أدلّة القواعد الظاهرية فإنّ المجتهد يلاحظ حال تكليف غيره فيشكّ ثمّ يحكم ببراءة المكلّف عنه أو التخيير أو الاحتياط حسب ما يقتضيه دليله ويفتي به ويعمل به المقلّد.
وفيه : أوّلا أنّه خلاف ظاهر الخبر فإنّ ظاهره أنّ المخاطب به جميع من يجري حكمه في حقّه كما في سائر الأدلّة لا خصوص المجتهد.
وثانيا : أنّ هذا لا يتمّ في مثل قوله (عليهالسلام): «الناس في سعة ما لا يعلمون» و «ما حجب الله علمه عن العباد» و «رفع ما لا يعلمون» و «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» وأشباهها ، إذ بعد التعسّف بأنّ المراد براءة الناس عند عدم علم المجتهد لهم تكليفا لا يساعده صناعة النحو في العبارات المذكورة فإنّ مرجع الضمير في الخبر الأوّل ليس إلّا الناس لا مجتهدهم ، وفي الثاني هو العباد وفي الثالث الأمّة لا مجتهدهم ، وكيف يمكن توجيه العبارة موافقا للمعنى المزبور ، ولمّا عرضت ما أوردت على الوجهين على السيّد الاستاذ (دام ظلّه) سكت ولم يردّ جوابا إلّا أنّه أمر بالتأمّل.