الشك في الوجود قد جاوز المشكوك ودخل في غيره ، وحكمه عدم الاعتناء بالشك والمضي ، وبملاحظة الشك في صحة القراءة لم يجز المشكوك بل هو في المحل وحكمه وجوب التدارك.
لكن لا يخفى أنّ هذا التعارض مبني على أن يستفاد من هذه الأخبار قاعدتان إحداهما قاعدة التجاوز بعد المحل والاخرى قاعدة عدم التجاوز ووجوب التدارك في المحل ، وأمّا لو قيل بأنّ المستفاد منها قاعدة واحدة هي المضي بعد المحل ، وأمّا التدارك في المحل فهو مقتضى الأصل في المسألة وقد قرره في هذه الأخبار فلا تعارض ، لحكومة قاعدة التجاوز على الاصول كما تقدم ، بل يمكن أن يقال على تقدير كونهما قاعدتين أيضا لا تعارض لحكومة قاعدة التجاوز في المثال المذكور الجارية بالنسبة إلى الشك في الوجود على قاعدة التدارك بالنسبة إلى الشك في الصحة ، لأنّ الشك في الثاني مسبّب عن الشك في الأول ، وسيأتي تتمة لهذا الكلام فانتظر.
قوله : بل لا يصح ذلك في موثّقة ابن أبي يعفور كما لا يخفى (١).
وذلك لأنّ الضمير المجرور في قوله «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره» (٢) راجع إلى الوضوء بقرينة الإجماع والنصوص ، فما دام المكلّف في الوضوء وحصل الشك بالنسبة إلى بعض أجزائه يصدق أنه شاك في الصحة يعني صحة الوضوء وهو في المحل ، فيجب التدارك لأنه لم يدخل في غير الوضوء وهو الموافق للنص والفتوى ، ولو اريد منها الشك في الوجود لزم أن تجري قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الشك في كل جزء من أجزاء الوضوء إذا دخل
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٣٢٩.
(٢) الوسائل ١ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٢.