ويؤيّد ما ذكرنا أنه إن كان المحل العادي مشمولا للأخبار يلزم التعارض بين فردي العموم في مثل من اعتاد الصلاة في أول وقته أو مع الجماعة فإنه بحسب عادته قد جاوز المحل وحكمه المضي معه ، وبحسب الشرع فهو في المحل ، إذ محلها الشرعي تمام الوقت وهكذا في جميع الموقتات الشرعية ، ويكون حكمها وجوب الاتيان ، اللهمّ إلّا أن يدفع هذه المعارضة بما ذكرنا سابقا من أنّ وجوب الاتيان في المحل إنما هو بمقتضى الأصل وقاعدة الاشتغال ، والمستفاد من الأخبار ليس إلّا قاعدة التجاوز ، وأمّا بالنسبة إلى وجوب التدارك في المحل فهي مقررة لحكم العقل والأصل المحكومين بقاعدة التجاوز ، وقد عرفت أنه لا معارضة بين الاقتضاء واللّااقتضاء ، هذا.
ويحكى عن بعض أنه تمسك في عدم شمول الأخبار للمحل العادي بوجه آخر ، وهو أنه ليس في الأخبار لفظ المحل كي يؤخذ باطلاقه ، بل هو مفهوم من دلالة القرينة والقدر المتيقن منه هو المحل الشرعي ، فهو القدر المتيقن من محل القاعدة وغيره مشكوك فيه.
وفيه : أنه لا فرق بين أن يكون لفظ المحل مذكورا أو مقدّرا بدلالة الاقتضاء أو لم يكن مذكورا ولا مقدّرا بل يكون إسناد التجاوز إلى الشيء المشكوك الوجود صحيحا من باب الاسناد المجازي في أنّ المنصرف إليه هو التجاوز عن المحل الشرعي ، ولو سلّم أنّ التجاوز عن محل الشيء يتناول المحل العادي نقول إنّ التجاوز عن الشيء بدون ذكر المحل أيضا يشمله ، لا نعرف فرقا بينهما في الانفهام العرفي فتدبّر.