مقابل الأصل ولو كان ذلك الظن من غير جهة الأذكرية حين العمل فله وجه ، إلّا أنه لا أظن أحدا يلتزم به مطلقا سيّما في غير الشك في أفعال الصلاة ، وإن اريد اعتبار الظن في المورد الخاص باعتبار صدق الأذكرية في المحل بعد التجاوز عن ذلك المحل ، فلا ريب أنّ شموله لما إذا تجاوز المحل العادي محل شك ، لأنه يحتمل أنه بعد في المحل ويجب عليه إتيان المشكوك ، ولعلّه إلى ذلك أشار بقوله فتأمّل.
بقي هنا شيء ينبغي التنبيه عليه : وهو أنه لو فرض أنّ للشيء محلين مترتبين وقد تجاوز عن أحدهما دون الآخر ، فهل تجري قاعدة التجاوز فيه حتى لا يجب أو لا يجوز الاتيان به في المحل الثاني له ، أو لا يجري فيجب أو يجوز الاتيان به في المحل الثاني؟ وجهان ، أقواهما الأول ، لصدق التجاوز عن الشيء وعن محل الشيء ، مثاله ، القنوت فإنّ له محلين قبل الركوع وبعد الركوع لمن تركه قبل الركوع ، ومثاله في الأجزاء الواجبة السجدة الواحدة والتشهد على مذاق صاحب الجواهر (١) حيث يقول إنّهما لمن نسيهما في محلهما واجبان بعد التسليم بعنوان الجزئية لا بعنوان القضاء للفائت ، فيكون لهما محلان أحدهما المحل المقرر لهما قبل التسليم للذاكر والثاني المحل المقرر لهما بعد التسليم للناسي ، ولو بنيت على غير مذاق صاحب الجواهر فالمثال غير عزيز.
ويحتمل أن يكون ما أفتى به المصنف وغيره من أنه لو شك بعد صلاة الظهر وقبل صلاة العصر مثلا في أنه هل تطهر من الحدث أو الخبث قبل فعل الظهر أم لا ، يحكم بصحة الظهر المأتي بها بقاعدة الفراغ وبوجوب التطهير للعصر مبنيا على هذا العنوان بأن يقال إنّ للطهارة هنا محلين مترتبين أحدهما قبل الظهر وثانيهما
__________________
(١) جواهر الكلام ١٢ : ٢٨٧ ـ ٢٨٩.