بعده قبل العصر ، وقد أفتى المصنف فيه بالوجه الثاني من الوجهين ، إلّا أنك عرفت أنّ الأظهر هو الوجه الأول ، وعليه يلزم أن يحكم بصحة العصر أيضا بناء على شمول القاعدة للأفعال المستقلة المترتبة بعضها على بعض كالطهارة والصلاة وكالظهر والعصر.
ويمكن أن يفرق بين هذا المثال والأمثلة المتقدمة بمنع تعدد محل الطهارة هنا وترتبهما ، بل نقول كل صلاة مترتبة على تحقق الطهارة لها ، فمحل الطهارة للظهر قبل فعل الظهر ومحل الطهارة للعصر قبل فعل العصر فقط ، لا أنّ لها محلا آخر قبل فعل الظهر أيضا ، غاية الأمر ترتّب نفس الصلاتين ومحل نفس الظهر قبل العصر ، ولا يستلزم ذلك أن يكون هناك محلّان للطهارة الواحدة يكون أحدهما مترتبا على الآخر ليجب أن يحكم في المثال بثبوت الطهارة بالنسبة إلى الصلاة الثانية أيضا ، هذا.
ويمكن أن يقال ـ بناء على شمول القاعدة للأفعال المستقلة المترتبة ـ إنّ الحكم بثبوت الطهارة للصلاة الثانية ليس مترتبا على العنوان المذكور ، بأن يكون للطهارة محلان ، بل نقول لا ريب أنّ الدخول في الصلاة الاولى كاف في صدق التجاوز عن محل الوضوء مثلا في الجملة وإلّا لم ينفع بالنسبة إلى الصلاة الاولى أيضا ، ولمّا صدق أنك تجاوزت عن محل الوضوء جرى قاعدة الفراغ فيحكم بأنه وجد الوضوء في محله ، ولا ريب أنه يترتب عليه شرعا صحة جميع الصلوات الواقعة بعده سابقا ولا حقا كما أفتى به المصنف بالتفصيل بين الصلاة التي صلّاها والصلاة التي لم يفعلها بعد ، ومن هذا الباب ما حكي الفتوى به عن بعض المتأخرين من أنه لو شك بعد فعل صلاة العصر في أنه صلّى الظهر قبلها أم لا ، يبني على فعل الظهر بقاعدة الفراغ ولا تجب إعادتها ، خلافا للمصنف وغيره من وجوب إعادة الظهر بعد العصر بدعوى أنّ قاعدة التجاوز إنما تفيد الحكم بتحقق