فعل صلاة الظهر بمقدار ما يصح به صلاة العصر المترتبة على الظهر لا الحكم به نفسه في حد نفسه ، وقد عرفت أنّ الأقوى هو الأول.
ويحتمل أن تكون فتوى المصنف في هذه المسألة وكذا المسألة السابقة مبنية على عدم إجراء القاعدة في الأفعال المستقلة المترتبة ، وهذا الحمل أقرب من حملها على المبنى السابق ، ويكون حكمه بصحة الصلاة الاولى في المسألة الاولى وصحة صلاة العصر في المسألة الثانية من جهة إجراء قاعدة الفراغ باعتبار الشك في حصول شرط الصلاة المأتي بها بناء على جريانها في الشك في الشرط كالشك في أجزاء عمل واحد ، وأمّا نفس الفعل الذي يوجب تحقق الشرط أعني الوضوء في المسألة الاولى وصلاة الظهر في المسألة الثانية فلا تتكفّلها القاعدة ، فلذا يحكم بوجوب إعادتها ، وكيف ما كان لا بدّ أن يتكلّم في المبنى المذكور وأنه هل تجري قاعدة الفراغ بالنسبة إلى الأفعال المستقلة المترتبة بل بالنسبة إلى الفعل الواحد المستقل إذا صدق أنه جاوز محله ، أم تختص بما إذا شك في أجزاء عمل واحد أو شرائطه؟ لا يبعد الجريان ، فلو شك بعد دخول الليل مثلا أنه صام في النهار أم لا يبني على وقوع الصوم منه ، وهكذا في غيره من الأمثلة.
قوله : الموضع الثالث الدخول في غير المشكوك الخ (١).
لا يخفى أنّ هذا الموضع مشتمل على مطلبين يمكن إفراد كل منهما بالبحث ، أحدهما أنّ المناط في جريان القاعدة مجرد صدق التجاوز عن المشكوك والفراغ عنه ، أم يعتبر مع ذلك تحقق الدخول في الغير. الثاني : أنّ المراد بالغير ما هو ، هل هو مطلق غير المشكوك فيه كائنا ما كان ، أو الأفعال المعنونة بعنوان خاص عرفي أو شرعي ، أو خصوص الثاني منهما ، أو الفعل المعتدّ به دون
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٣٣٢.