بل يؤخذ بعمومها بحسب مدلولها في حد نفسه ، فتكون قيود المورد ملغاة فيما يرجع إلى حكمه ، هذا.
ومن جملة أمثلته موثقة ابن أبي يعفور «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» (١) فإنه فرض المسألة في صدرها في مورد تحقق الدخول في الغير ، وعلّق عموم التعليل في ذيلها على مجرد التجاوز ، فيحتمل أن يكون المناط هو الدخول في الغير بقرينة الصدر ، وأن يكون المناط مجرد التجاوز كما هو مقتضى ظاهر التعليل ، وذكر الدخول في الغير في الصدر من باب المثال ولأنه من الأفراد الواضحة الشائعة اختاره من بين الأمثلة ، وهكذا يكون الاحتمالان فيما نحن بصدده في خبر اسماعيل بن جابر.
والتحقيق أنّ ترجيح أحد الاحتمالين لا يدخل تحت ضابطة كلية يبحث عنه الاصولي ، لأنّ مناط الترجيح أقوائية ظهور الصدر في اعتبار خصوصيات المورد قيدا على ظهور الذيل في الاطلاق أو العكس ، فربما يكون هذا وربما يكون ذاك ، فلا بدّ للفقيه من ملاحظة خصوصيات الموارد ويختار في كل مورد ما يترجّح في نظره من أحد الوجهين ، فنقول فيما نحن فيه إنه لم يظهر لنا أنه (عليهالسلام) عند ذكر هذه الأمثلة في مقام التوطئة وبصدد تحديد الغير الذي يعتبر الدخول فيه ليصير ذلك قرينة على صرف العموم إلى أمثال هذه الأمثلة ، وحيث لا صارف لظهور عموم العام يؤخذ بعمومه ويحمل اختياره لتلك الأمثلة على أنها أقرب للأذهان لكونها من الأمثلة الواضحة الشائعة ، فناسب ذكرها أوّلا ليستأنس الذهن بالمطلب ثم ذكر عموم القاعدة بحيث يشمل سائر الأفراد الخفية أو
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٢.