الأفعال موردا لقاعدة التجاوز ، وهذا يناسب أن يكون المراد الدخول في مطلق الغير (١).
وكيف كان فالأقوى هو القول بكفاية مطلق التجاوز في المضي وعدم الاعتناء بالشك لما مرّ من الاطلاقات التي لا يعارضها شيء سوى ما استظهر منه في المتن في رواية اسماعيل بن جابر من أنّ حدّ الغير مثل فعل الركوع والسجود من الأفعال المستقلّة المعدودة من أفعال الصلاة ، وسيأتي جوابه بأبلغ وجه.
قوله : لكن الذي يبعّده أنّ الظاهر من الغير الخ (٢).
قد مرّ أنه كما يمكن أن تكون الأمثلة المذكورة في صدر الخبر توطئة لميزان عموم القاعدة المذكورة في الذيل ليكون عموم القاعدة منزّلا على مثل تلك الأمثلة ، كذلك يمكن أن يكون المناط في القاعدة عموم الذيل ويكون ذكر تلك الأمثلة في الصدر لكونها من أفرادها الواضحة الظاهرة التي ينصرف الذهن إليها بأدنى التفات ، ثم يذكر عموم القاعدة ليشمل جميع أفرادها ولو كانت خفية ، وبالجملة لا وجه لتحكيم الصدر على الذيل بل العكس أولى كما اعترف به المصنف في كتاب الطهارة في نفس المسألة وفي غيره أيضا في نظير المسألة.
وممّا يبعّد أن تكون تلك الأمثلة ميزانا لتحديد القاعدة ، أنه لو كان كذلك كان اللازم أن يقول إن شك في الركوع بعد ما قام عنه فليمض ، وإن شك في السجود بعد ما قام أو تشهّد فليمض ، لأنّ القيام بعد الركوع فعل مستقل من أفعال
__________________
(١) أقول : هذا بناء على أنّ المراد منه الدخول في الهويّ ، لكن الأظهر في النظر هو ما حكي عن بعض الأساطين من أنّ المراد الدخول في السجود ، فإنّ هوى مرادف لسقط ، ويقال سقط إلى السجود إذا سجد.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٣٣٢.