بشيء والأمر بالمضي الظاهر في الوجوب المانع عن النقيض ، وقد يوجّه الثاني بأنّ الأمر في مقام توهّم الحظر وأنه لا يستفاد منه أزيد من جواز المضي في مقابل وجوب التدارك ، لأنّ الأصل عدم الاتيان بالمشكوك ، وهذا أيضا يحتمل وجهين ، الأول : أنّ الأمر في المقام بعد حمله على بيان الجواز يدل على جواز المضي وجواز العود والتدارك معا كما قد يقال نظيره في قاعدة الحرج من أنّ أدلتها تدلّ على جواز إهمال التكاليف الحرجية وجواز العمل بها أيضا.
الثاني : أنّ الأمر لا يدل إلّا على مجرد جواز المضي ساكتا عن جواز التدارك ، ويمكن أن يقال باجمال الأخبار بالنسبة إلى العزيمة والرخصة ، فيكون القدر المتيقن من مدلولها هو الرخصة بالمعنى الثاني.
والأقوى هو القول بالعزيمة كما نسب إلى المشهور هنا ، وإلى عدم الخلاف في مسألة كثير الشك التي هو نظير المقام في عدم العبرة بشكه ، لما مرّ من ظهور الأخبار مؤيّدا بالشهرة المحكية واستئناسا بنظائره من القواعد المجعولة في مورد جريان قاعدة اخرى أعم منها ، فإنه لم يقل أحد بالتخيير بين العمل بالقاعدتين بل يقولون بالتخصيص ، وليس ذلك إلّا لفهم العزيمة من الأخص ، وإلّا فحمله على الرخصة يوجب التخيير كما لا يخفى.
ثم لا يخفى أنه لو قلنا بالرخصة فأظهر المحتملات الثلاثة فيها هو الاحتمال الثاني كما نقول به في الأمر الواقع عقيب الحظر أو توهمه ، ويتفرع على المختار من كون القاعدة مبنيا على العزيمة ، أنه لو شك في جزء من الصلاة بعد التجاوز عن محله لا يجوز العود والتدارك باتيان ذلك الجزء بعنوان الجزئية لأنه زيادة عمدية مبطلة.
لا يقال : إنّ صدق الزيادة غير معلوم ، إذ يحتمل عدم الاتيان بالمشكوك من الأول ، وحكم الشارع تعبّدا بالبناء على الاتيان المستفاد من قاعدة التجاوز