الثاني : أنّ ما دلّ منها على التوقف في زمان الحضور لا شك في كونها أخص مطلقا من أخبار التخيير فيخصص به أخبار التخيير فيكون أخبار التخيير بعد هذا مختصا بزمان الغيبة ، وحينئذ إذا لوحظت مع مطلقات أخبار التوقّف تكون أخص مطلقا منها فتخصص بها ، وبوجه آخر لا يمكن تقديم أخبار التوقف على أخبار التخيير لأنه يلزم أن يكون أخبار التخيير حينئذ بلا مورد. وفيه : ما سيأتي من أنه يلاحظ جميع المعارضات في عرض واحد ولا يقدّم ملاحظة بعضها لتنقلب النسبة ، وأيضا نمنع بقاء أخبار التخيير بلا مورد على تقدير تقديم أخبار التوقف فإنّ موارد دوران الأمر بين المحذورين وعدم إمكان الاحتياط تكفي في كونها المراد من أخبار التخيير.
الثالث : أنّ أخبار التوقف نص بالنسبة إلى زمان الحضور لكونه الفرد المتيقن منها ظاهر بالنسبة إلى زمان الغيبة ، وأخبار التخيير بالعكس ، فيقدّم نص كل منهما ويصير منشأ لطرح ظاهر الآخر نظير الجمع المحكي عن الشيخ (رحمهالله) في قوله (عليهالسلام) «ثمن العذرة سحت» (١) مع قوله (عليهالسلام) «لا بأس ببيع العذرة» (٢) وفيه : أنّ مثل هذا الجمع مردود بما تقرر في محله من أنّ تيقّن إرادة فرد من الخارج لا يصير منشأ للأظهرية بحسب اللفظ حتى يكون وجها للجمع.
والأولى أن يقال في سند هذا الجمع : إنّ أخبار التوقّف ظاهرة في اختصاصها بحال الحضور بقرينة قوله «حتّى تلقى إمامك» أو «تلقى صاحبك» أو «تلقى من يخبرك» على اختلاف التعبيرات ، وأخبار التخيير ظاهرة في اختصاصها بحال الغيبة بقرينة قوله (عليهالسلام) في بعض أخباره «موسّع عليك
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ١٧٥ / أبواب ما يكتسب به ب ٤٠ ح ١ (باختلاف يسير).
(٢) الوسائل ١٧ : ١٧٥ / أبواب ما يكتسب به ب ٤٠ ح ٣.