عملية فيكون في مسألة ما نحن فيه كذلك ، لكن يظهر منه في مقامنا هذا أنّ المراد من التخيير هو التخيير في الأخذ لأنه جعل التخيير في الطريق وفي تعيين الحجة من الخبرين وطرح الآخر ، وسيأتي تحقيق الحق من الوجهين عن قريب إن شاء الله تعالى.
قوله : كما أنّ العلاج بالترجيح مختص به (١).
إن أراد من العلاج بالترجيح تشخيص ما فيه الرجحان والمزية عن غيره كما هو ظاهر بيانه فيما بعده بل صريحه ، فالمقايسة أعني مقايسة التخيير بالترجيح في غير محلّها ، وإنّما كان المناسب أن يقايس تعيين مورد التعادل وتشخيص التكافؤ وعدم المزية بالترجيح بالمعنى المذكور لا نفس التخيير ، وإن أراد من الترجيح العمل بالراجح فالمقايسة في محلّها ، لكن المقيس عليه وهو الترجيح بهذا المعنى ليس من وظيفة المجتهد حتى يتفرّع عليه كون التخيير أيضا كذلك بالمقايسة ، بل العمل بالراجح أمر مشترك بين المجتهد
والمقلّد وحكمهما في ذلك واحد كما لا يخفى (٢).
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٤٢.
(٢) أقول : يمكن أن يريد من العلاج بالترجيح اختيار الراجح والبناء عليه بعد تشخيص ما فيه المزية ، ويريد من التخيير اختيار أحدهما والبناء عليه ، وحينئذ تصح المقايسة والحكم في المقيس عليه أيضا مسلّم ، والظاهر أنه أراد ذلك ، ولا ينافيه ما ذكره بعده في توضيحه من بيان تميّز موارد الرجحان عن غيره بنظر المجتهد دون المقلّد ، لأنّ غرضه التنظير بما هو من وظيفة المجتهد من مقدّمات الترجيح بالمعنى المذكور فافهم.