قوله : وإن كان وجه المشهور أقوى (١).
التحقيق أن يقال بعد اختيار أنّ التخيير في المقام أخذي لا عملي لأنه ظاهر الأدلة مثل قوله (عليهالسلام) «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك» (٢) ونحوه إنّ المسألة مبنية على أنّ الاجتهاد والاستنباط هل ينتهي حدّه عند تحصيل مورد التكافؤ وأنّ الخبرين متعادلان ولا مزية لأحدهما على الآخر ، كما أنه في موارد الترجيح ينتهي حدّه عند تحصيل مورد الرجحان وأنّ هذا الخبر مشتمل على مزية ليست في الآخر ولا يبقى بعد ذلك سوى العمل بالراجح في الثاني وبالمختار في الأول ، أم لا بل يحتاج بعد تشخيص أنّ المورد مورد الترجيح أو التعادل إلى الأخذ بالراجح أو المختار من الخبرين بمعنى البناء عليه وأنه حجته فعلا وطريقه إلى حكمه ثم يتفرّع عليه العمل ، فعلى الأول يكون التخيير حكما مشتركا بين المجتهد والمقلّد لا محالة ليس وظيفة لخصوص المجتهد ، لأنّ المفروض أنّ ما هو وظيفته أعني الاجتهاد والاستنباط قد انتهى قبل ذلك ولازم ذلك أن يفتي المفتي بالتخيير ، وعلى الثاني يكون التخيير أيضا حكما للمفتي لأنه من وظيفته ولازمه أن يفتي بما اختار ، وحيث إنّ الحق في المبنى هو الوجه الأول ، فالحق هو وجوب الفتوى بالتخيير.
وربما يقال بناء على المبنى الأول أيضا لا بدّ أن يفتي بما يختاره دون التخيير ، لأنّ المراد من التخيير هنا هو التخيير بين الطريقين وهو مسألة اصولية لا يجوز التقليد فيها على ما مر بيانه عن قريب.
ودعوى أنّ التخيير في المسألة الاصولية هذه يستلزم التخيير في المسألة
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٤٢.
(٢) الوسائل ٢٧ : ١٠٨ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٦.