بقي الكلام في مستند الاحتمالين الأخيرين اللذين أشرنا إليهما في صدر المسألة ، أمّا الأول منهما وهو التخيير بين الافتاء بالتخيير والافتاء بالمختار وينسب إلى شارح الوافية ، فالوجه فيه أنّ كل واحد من التخيير والمختار حكم شرعي في عرض واحد فله الافتاء بكل منهما. وأمّا الثاني وهو التخيير العام أي التخيير بين أن يختار أحد الخبرين ويفتي به لجميع مقلّديه وبين أن يختار أحد المتعارضين ويفتي لبعض مقلّديه ويختار الآخر ويفتي به للبعض الآخر ، فوجهه أنّ إطلاق التخيير يشمل ذلك ، وأنت بعد التأمّل فيما ذكرنا سابقا تعرف صحة هذه الكلمات وسقمها.
قوله : ولو حكم على طبق إحدى الأمارتين في واقعة الخ (١).
في المسألة احتمالات أربعة أو خمسة : اثنان منها مذكورة في المتن ، ثالثها : أنّ التخيير بدويّ إلّا أن يقصد الاستمرار في أول أخذه. رابعها : أنه استمراري إلّا أن يقصد البدوية عكس السابق ، وربما يذكر خامس وهو أنه مستمر قبل العمل بمعنى جواز أن يعدل عمّا اختار أوّلا ويختار الآخر وبدوي بعد العمل بمعنى عدم جواز العدول بعد العمل ، والأولى أن يقال إنه راجع إلى التخيير البدويّ ، إلّا أنّ الاختيار والأخذ على هذا الاحتمال لا يتحقق إلّا بالعمل فما لم
__________________
مقدّم عليه ومقدّمة له ، ومجرد العمل على طبقه لا عن بناء لا يسمّى أخذا.
ويؤيّد ذلك ما ذكروه في نظير المقام من أنه يجب على المقلّد أوّلا البناء على تقليد المجتهد الفلاني ثم العمل على طبقه حتى أنه لو عمل كذلك من دون البناء لم يصح العمل لأنه عمل بغير حجة ، ولو بنى على الأخذ والعمل فقد قلّد وأخذ بالحجة ولا يعدّ تاركا لطريقي الاجتهاد والتقليد.
(١) فرائد الاصول ٤ : ٤٣.