الاستمرار بأن تكون المصلحة مقيّدة بالعمل بكل واحد منهما دائما ، وإذا كان هذا محتملا فلا يمكن الحكم بالاستمرارية ، فليس المقام من قبيل خصال الكفّارة ، والفرق بين هذا الوجه والوجه الأول أنّ التقييد بالدوام في العمل بكل من الخبرين مأخوذ في مفاد الخبر بناء على الوجه الأول ، وبحكم العقل بناء على الوجه الأخير.
وذكر بعض مشايخنا المعاصرين هنا وجهين آخرين للأمر بالتأمّل حاصل أحدهما : أنه كما أنه بناء على السببية يكون التخيير واقعيا استمراريا كذلك بناء على الطريقية ، وذلك لأنّ طريقية الخبر إنما هي بالنسبة إلى مفاده ، وأمّا بالنسبة إلى حكم وجوب الأخذ فإنه موضوع له ، وحينئذ نقول إنّ وجود الخبرين المتعارضين موضوع للتخيير ووجوب الأخذ بأحدهما ، وكل موضوع علة وسبب لثبوت حكمه ، فمرجع الطريقية إلى السببية بالنسبة إلى حكم التخيير والسببية مقتضية للتخيير الاستمراري بالفرض ، فالطريقية والسببية في حكم التخيير سواء.
وحاصل الثاني : أنّ التخيير الواقعي الثابت في مثل خصال الكفّارة أيضا محتاج في الحكم بكونه مستمرا إلى إطلاق دليله وإلّا لم نقل به ، وحينئذ نقول فيما نحن فيه لو لم نقل بالاستمرار بناء على الطريقية لعدم إطلاق في أخبار التخيير من هذه الجهة ، لا نقول بالاستمرار بناء على السببية أيضا ، لأنه لا إطلاق في أخبار التخيير بالفرض ، وقد عرفت أنّ ثبوته محتاج إلى الاطلاق المفقود في المقام.
ويرد على الأول : أنه وإن سلّمنا أنّ الموضوع علّة للحكم إلّا أنّ الاشتباه في أنّ الحكم في هذا الموضوع ما ذا التخيير البدويّ أو التخيير الاستمراريّ ، وهذا بخلاف السببية المبنية على كون التخيير من باب تزاحم الواجبين فإنّ التخيير هنا بحكم العقل ومعلوم أنه يحكم باستمرارية التخيير لبقاء موضوعه وهو وجود المصلحة التامة في الأخذ بكل من الخبرين ، وأمّا بناء على الطريقية فإنما جاء