وثانيا : أنّ الفارق موجود وهو أنه بناء على التخيير في الأخذ يأتي بالفعل بعنوان الوجوب أو يترك بعنوان الحرمة ويحصل الامتثال بذلك ، بخلاف ما قلنا بالاباحة فإنه لا إطاعة فيه.
السادس : أنه بناء على الاستمرارية يلزم المخالفة القطعية في العمل لو أخذ بأحدهما تارة وبالآخر اخرى. وفيه أوّلا : أنه يلزم المخالفة القطعية لو علم إجمالا بأنّ الحكم الواقعي ليس خارجا عن مؤدّى الخبرين وإلّا فيمكن أن يكون كلا الخبرين مخالفا للواقع ، نعم يلزم المخالفة لكلا الأمارتين في الجملة ولا محذور فيه. وثانيا : أنه إنما يتم فيما إذا كان التكليف بالنسبة إلى جميع وقائع مورد الخبر منجّزا في زمان واحد مثل ما لو قلنا في مثال الظهر والجمعة إنّ التكليف بصلاة يوم الجمعة ثابت من أول البلوغ إلى آخر العمر إلّا أنه معلّق على مجيء زمان العمل في كلّ جمعة جمعة ، فلو صلّى الجمعة في اسبوع والظهر في اسبوع آخر يعلم إجمالا بأنه خالف الواقع في أحدهما ، وأمّا لو قلنا بأنّ التكليف مشروط بمجيء الجمعة ففي كل جمعة ليس عليه إلّا صلاة واحدة إمّا الظهر أو الجمعة ، فأيّهما فعل يحتمل الموافقة والمخالفة ، غاية الأمر أنه لو صلّى الظهر في جمعة والجمعة في اخرى يعلم أنه حصلت المخالفة في واحد منهما في السابق ولا محذور فيه على ما هو محقق في مسألة الشبهة المحصورة.
السابع : أنّ مقتضى التخيير بين الخبرين البدوية لا يحتمل غيرها ، لأنّ التخيير ليس إلّا بين الأخذ بمفاد هذا الخبر أو مفاد ذاك الخبر ، ومفاد كل خبر هو كون الحكم على وفق مدلوله أبدا ، فلو عملت مطابقا لأحد الخبرين تارة ومطابقا للآخر اخرى ما أخذت بشيء منهما ، وقد مر الجواب عن هذا الوجه عن قريب.
أقول : وبعد اللتيا والتي قد عرفت أنّ أدلة القول بالاستمرارية مخدوشة ما عدا استصحاب التخيير ، وأدلّة القول بالبدوية أيضا مخدوشة ما عدا كونها القدر