لكان واجبا ، وذلك لأنّ المانع من طرف الجاعل وجعله لا من طرف السالك حتى يكون عجزه مانعا عن فعلية أحدهما ، وإن كان بمعنى كون أحدهما لا على التعيين طريقا فعليا موكولا إلى اختيار السالك والآخر له شأنية الطريقية وليس بطريق فعلي ولا شأني فهذا لا مانع منه والتخيير فيما نحن فيه من قبيل الثالث (١).
الخامس : قال في المناهج : قد يتعارض الخبران وليس بينهما مرجح ولا يمكن المصير إلى التخيير لمانع كإجماع أو غيره ويجب الرجوع حينئذ إلى الأصل ، إذ لا شك أنّ أخبار التخيير مخصصة بغير ما دلّ الدليل على انتفائه ، فلا يمكن العمل هنا بأخبار التخيير ولا بالمتعارضين معا ولا بواحد معيّن لعدم المرجح ، فيجب الطرح والرجوع إلى الأصل لعدم العلم بالناقل عنه (٢) انتهى كلامه رفع في أعلى الخلد مقامه.
لكن لا يخفى أنّ تحقق الإجماع على عدم التخيير بين الخبرين في المورد الفلاني مثلا الظاهر أنه مجرد فرض لا واقعية له ، وكذا قيام دليل غير الإجماع أيضا على عدم التخيير لا نعرف له موردا ، نعم قيام الإجماع أو غيره على عدم كون الحكم في الواقع هو التخيير فرضه صحيح واقع كثيرا ، لكنه لا ينفع في نفي التخيير الظاهري ، كما أنّ العلم بعدم الاباحة الواقعية في مسألة أصل البراءة فيما لو دار الأمر بين الوجوب والحرمة لا ينافي الحكم بالاباحة الظاهرية.
__________________
(١) أقول : الإنصاف أنّ وجه عدم المعقولية المشار إليه في القسم الثاني جار في القسم الثالث أيضا ، لأنّ جواز اختيار السالك كل واحد من الطريقين يقتضي طريقيته الفعلية ، ولذا لو أخذ بأحدهما شخص وبالآخر شخص آخر نقول إنّهما آخذان بما هو طريق فعلي لواقع واحد.
(٢) مناهج الاحكام : ٣٢٠.