ثم على تقدير قيام الإجماع أو غيره على عدم التخيير الظاهري إنّما يتم ما ذكره من الرجوع إلى الأصل العملي لو لم نقل بأنّ الأصل في المتعارضين المتعادلين هو الاحتياط بينهما وإلّا يتعيّن الاحتياط ، اللهمّ إلّا أن يقال إنّ مراده من الأصل أعم من الأصل الفرعي والاصولي ، وقد يقال إنّ الحكم في الفرض المذكور هو الرجوع إلى الاحتياط المذكور ولو قلنا بأنّ الأصل في المتعارضين هو التساقط أو التوقف أو التخيير ، إذ بعد فرض قيام الإجماع على عدم التخيير في مورد خرج ذلك المورد عن تحت عموم أخبار التخيير مع بقائه تحت عموم أخبار الاحتياط من غير معارض ، فلا بدّ أن يحكم فيه بالاحتياط.
وفيه : أنّ هذا إنّما يتم لو كان سقوط أخبار الاحتياط وعدم الأخذ بها من جهة محض المعارضة بينها وبين أخبار التخيير ، وأمّا لو حملناها على بعض المحامل التي مرّ ذكرها سابقا كالحمل على زمان الحضور أو على الاستحباب مثلا ولو لأجل قرينية المعارض فلا وجه للحكم بوجوب الاحتياط (١).
السادس : أنه لا فرق فيما ذكر من أنّ الحكم في المتعادلين هو التخيير بين ما لو كان المرجع على فرض عدمهما الاصول العملية أو الدليل الاجتهادي من إطلاق أو عموم يوافق أحد المتعارضين والآخر مخالف له ، ولازمه أنه إن اختار المجتهد الخبر المخالف يخصّص به العموم ويقيّد به الاطلاق وإلّا فلا. وما يتوهم
__________________
(١) أقول : بل لا وجه للاحتياط ولو كان سقوط أخبار الاحتياط لمحض المعارضة ، لأنّا بعد ما حكمنا بطرح أخبار الاحتياط سندا لا يمكن الأخذ بها في بعض أفرادها ، نعم لو قيل بأنّ أخبار الاحتياط بعد قيام الإجماع على عدم التخيير في هذا المورد تصير أعم مطلقا من أخبار التخيير ويكون تقديم أخبار التخيير من باب التخصيص والجمع الدلالي لا الطرح كان الأمر كما ذكره القائل فليتأمّل.