أيضا ، ولا ريب أنّ الموضوع في كلتا القضيتين شيء واحد وهو عنوان المضرّ ، فكلّما تحقّق عنوان موضوع إحدى القضيتين في مصداق خارجي تحقّق عنوان موضوع القضية الاخرى ضرورة اتّحاد عنوانهما ، وحينئذ نقول لو فرض أنّ الصدق الفلاني مضرّ كان من مصاديق موضوع حكم العقل بالقبح وحكم الشرع بالحرمة ، فإذا شكّ في الزمان الثاني في بقاء مضرّيته يقال إنّه كان مضرّا في السابق والأصل بقاء مضرّيته ليترتّب عليه الحرمة الشرعية ، ولا نحتاج إلى أن نقول الأصل بقاء مضرّيته ليترتّب عليه حكم العقل بالقبح ثمّ تثبت به الحرمة الشرعية ، وإنّما كان حكم العقل واسطة في ثبوت الحرمة الشرعية من أوّل الأمر للموضوع الكلّي وهو عنوان المضرّ ، وذلك الحكم العقلي بعد باق لم يطرأ عليه شكّ ، نعم كان العلم بحرمة هذا المصداق من الأوّل بتوسيط حكم العقل إلّا أنّ هذا لا يلازم أن يكون حكمنا عليه بالحرمة بسبب حكمنا ببقاء الموضوع أيضا بتوسيط حكم العقل ، ونظير ذلك بعينه أنّه لو قامت البيّنة على عدالة زيد مثلا وحكمنا بعدالته وجواز الاقتداء به وإيقاع الطلاق عنده إلى غير ذلك ممّا يترتّب على العدالة بحكم الشرع ، فإذا حصل الشك في عدالته يقال الأصل بقاء عدالته فيترتّب عليه الأحكام الشرعية المترتّبة على العدالة ، ولا يحتاج إلى أن يقال الأصل بقاء عدالته فهو عادل بحكم البيّنة فيثبت عدالته شرعا بدليل حجّية البيّنة ، وإنّما كانت البيّنة واسطة في إثبات عدالته من الأوّل ، وإن تردّدت البيّنة في عدالته الآن أو كان أحد الشاهدين جازما بزوال عدالته الآن فصار بعد قيام البيّنة عادلا شرعا ، فإذا شكّ في بقائها تستصحب لترتيب الأحكام الشرعية عليها من دون واسطة إدراجه فيما يشهد به البيّنة ثمّ ترتيب الأحكام الشرعية ، ونظيره أيضا ما لو قام الإجماع على أنّ المضرّ حرام وشك في بقاء مضرّية الصدق الفلاني فلا يتأمّل في صحّة استصحاب المضرية ليترتّب عليه الحرمة ، ولا يحتاج إلى إدراجه فيما