قام الإجماع على حرمته ثمّ يحكم بترتّب حكم الحرمة شرعا عليه لكي يورد عليه أنّ هذا المصداق الآن لا يعلم أنّه من مصاديق الموضوع الذي قام الإجماع على حرمته هذا ، والذي يهوّن الخطب أنّ المصنّف صرّح في التنبيهات بصحّة استصحاب الموضوع ووجّهه بما يقرب ممّا بيناه أو عينه (١).
بقي الكلام فيما ذكره في المتن من عدم جواز استصحاب حكم العقل مستندا إلى تغيّر الموضوع فنقول : إنّه يكفي بقاء الموضوع عرفا كما في استصحاب حكم الشرع بعينه فيقال إنّ ردّ الوديعة الفلانية كان حسنا في السابق والأصل بقاؤه على حسنه ، فيترتّب عليه حكم الشرع بالوجوب ، ففي الحقيقة يرجع استصحاب حكم العقل إلى استصحاب موضوع حكم الشرع.
وأمّا المعنى الرابع وهو استصحاب حكم الشرع المستند إلى حكم العقل فيظهر من المتن أيضا عدم جوازه ، نظرا إلى أنّه تابع لحكم العقل ، وانتفاء المتبوع يستلزم انتفاء التابع ، وتوجيهه : أنّه نظير ما قدّمنا من أنّه إذا كان الحكم الشرعي تابعا لحكم غير الشرع من مثل أمر المولى أو الوالدين لا يمكن جريان الاستصحاب فيه عند الشكّ في تحقّق المتبوع.
وفيه : أنّه ليس هذا من ذاك فإنّه لو لم يحرز أمر المولى هناك لا يكاد يتحقّق عنوان الاطاعة الذي تعلّق به أمر الشارع ، وهذا بخلاف ما نحن فيه لأنّه قد ثبت الوجوب الشرعي لردّ الوديعة في الزمان الأوّل وإن كان بواسطة حكم العقل ، فإذا
__________________
(١) أقول : بل كلامه هنا أيضا ليس ظاهرا في عدم جواز استصحاب الموضوع ، لأنّ كلامه هنا من أوّله إلى آخره بصدد بيان عدم جواز استصحاب حكم العقل وكذا حكم الشرع المترتّب عليه ، نعم قد أقحم مثال الشبهة الموضوعية في خلال بيان المراد وقد أشرنا سابقا أنّه خلط ولعلّه من سهو القلم.