ظهور الاحتمال الأوّل بل تعيّنه كما لا يخفى. وتوجيهه أنّه إن قلنا باعتبار الاستصحاب من باب الظنّ انحصر طريق إثبات المستصحب في العقل بالنسبة إلى وجوده الواقعي كما قرّره في السؤال ، وكذا بالنسبة إلى وجوده الظاهري بالاستصحاب فإنّ المفروض أنّ طريقه الظنّ العقلي والعقل لا يحكم إلّا على الموضوع الواقعي المتحقّق فيه المناط الحقيقي لحكم العقل ، وهذا بخلاف ما لو قلنا باعتبار الاستصحاب من باب التعبّد بالأخبار فإنّ قوله (عليهالسلام) : «لا تنقض اليقين» أي المتيقّن محمول على ما يقال في العرف إنّه نفس المتيقّن السابق كما يحمل سائر الألفاظ الواردة في بيان الأحكام الواقعية أو الظاهرية على مفاهيمها العرفية.
ويرد على هذا التوجيه أيضا : أنّه بناء على كون الاستصحاب من باب الظنّ أيضا يكفي بقاء الموضوع في العرف ، لأنّ الظنّ المذكور على تقدير تسليمه ناش من الاستقراء أو الغلبة ، ولا ريب أنّ الموارد المستقرأ بها فيها والمتحقّقة بها الغلبة ممّا يكون موضوعاتها باقية بالعرف لا بالدقّة الفلسفية ، نعم لو أجاب عن السؤال بدل الجواب المسطور بالفرق بين ما كان المستصحب من أصله ثابتا بدليل العقل فيعتبر بقاء موضوعه بالدقّة كما كان في أصل اعتباره بالدقّة ، وبين ما كان المستصحب ثابتا بالدليل الشرعي فيكفي بقاء موضوعه عرفا لأنّه الموضوع حقيقة في لسان الدليل أي اللفظ الدالّ عليه من الكتاب والسنّة كان له وجه ، وإن كان فيه تأمّل أيضا فتأمّل فإنّ مناط صدق الموضوع وبقائه هو العرف مطلقا وسيأتي لهذا المطلب مزيد بيان في محلّه إن شاء الله تعالى.