موضوعا للاشارة إلى مدلول مدخوله ، والمفروض أنّ مدلول لفظ اليقين هو الجنس وحمله على العهد خلاف الظاهر كحمله على الاستغراق ، والظاهر أنّه أراد من قوله : إلّا أنّ سبق يقين الوضوء الخ ، أنّ سبق يقين الوضوء يصلح أن يكون قرينة على صرف هذا الظاهر وبه يوهن الظاهر المذكور ، وفيه أنّ مجرّد وجود ما يصلح أن يكون قرينة لا يوجب صرف الظاهر عن ظاهره وإنّما يناسب هذا الكلام فيما لو كان الحمل على العموم بجريان مقدّمات الحكمة فإنّهم ذكروا أنّ وجود ما يصلح أن يكون بيانا مخلّ بجريانها ، وبيانه في محلّه.
ثمّ لا يخفى أنّ ظاهر كلمات البيانيين والاصوليين بل صريحهم كلا أو جلّا أن سبق الذكر قرينة على العهد مطلقا إذا كان بلفظ النكرة كما صرّحوا به ، فيصرف اللام عن ظاهره ، وعليه يسقط الاستدلال بالرواية على عموم حجّية الاستصحاب في غير باب الوضوء أيضا ، لكن لنا أن نمنع ذلك ، وقول أهل العربية والاصول بل اتّفاقهم كما قيل لا يكون حجّة علينا لو لم يساعد عليه دليل آخر فنقول في مثالهم المعروف (أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً* فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)(١) لم لا يجوز أن يكون المراد إفادة عصيان فرعون جنس الرسول وطغيانه وتمرّده عن طاعة الله وإن كان الجنس منطبقا في الواقع على خصوص موسى وهكذا في باقي الموارد (٢).
__________________
(١) المزمل ٧٣ : ١٥ ـ ١٦.
(٢) أقول : الإنصاف أنّ المنع المذكور في غير محلّه ، وتخطئة جمهور أهل العربية والاصول مع أنّهم من أهل العرف أيضا كما ترى ، مع أنّا نجد الظهور العرفي في العهد في مثل قوله رأيت رجلا وأكرمت الرجل ، وحينئذ تقريب الاستدلال متوقّف على صحّة ما ذكره في