التكليف المشكوك وحجّية الخبر الدّال على ثبوته حكمان ظاهريان متنافيان.
فالدليل الدّال على البراءة دالّ بالدلالة الالتزامية على نفي الحجّية المذكورة فيؤخذ بذلك ما لم يقم دليل اقوى على الحجّية.
وقد يقام الدليل على عدم حجّية ما يشك في حجيّته من الامارات بما اشتمل من الكتاب الكريم على النهي عن العمل بالظنّ وغير العلم ، فانّ كلّ ظنّ يشكّ في حجيته يشمله اطلاق هذا النهي.
وقد اعترض المحقّق النائيني (١) (قدس الله روحه) على ذلك بانّ
__________________
وهذا يساوي ـ بالنتيجة ـ القول بعدم حجيّة ما يشك في حجيّته.
فاذا اعتبرناه حجّة ظاهرا ، فقد اعتبرناه حجّة وهو لا حجّة وهو التناقض بعينه بين الاحكام الظاهرية بوجوداتها الواقعية.
(١) ذكر ذلك في اجود التقريرات ج ٢ ص ٨٦ ـ ٨٧ ، اذ يقول المحقق النائيني (قده) «... ولاجل ذلك يكون الشك في انشاء الحجية لامارة خاصّة موجبا للقطع بعدم حجّيتها ولا يترتّب عليها اثر اصلا» ثم قال «ان المثبت لعدم جعل الحجية الواقعية ـ اذا كانت الحجية مشكوكة ـ لا بدّ وان يكون امرا ناظرا الى الواقع ، وهو منحصر في الادلة الخاصّة الدّالة على الغاء الشارع لبعض الامارات واعطائهم صفة عدم الحجية له ، كالادلّة الدّالة على عدم حجية القياس في الاحكام الشرعية ، وهذه الادلة الخاصّة لا اشكال في جواز التمسّك بها ، وفي الادلة العامّة الدّالة على عدم حجية الظنّ والامارة الغير علمية ، وفي استصحاب عدم الحجية. امّا التمسّك بالادلّة العامّة لاثبات عدم حجية اي امارة غير علميّة شكّ في حجيتها ففيه اشكال ، وجه الاشكال : ان موضوع تلك