ومتغايرة فيستحيل ان تكون هي المؤثّرة بما هي كثيرة في ذلك الغرض الواحد ، بل يتعيّن ان تكون مؤثّرة بما هي مصاديق لأمر واحد ، وهذا يعني فرض قضيّة كلّيّة تكون بموضوعها جامعة بين الموضوعات ، وبمحمولها جامعة بين محمولات المسائل. وهذه القضيّة الكلّيّة هي المؤثّرة ، وبذلك يثبت ان لكل علم موضوعا ، وهو موضوع تلك القضيّة الكلّية فيه.
وقد اجيب على ذلك بأنّ الواحد على ثلاثة أقسام (١) : واحد
__________________
(١) يريدون ان يقولوا في هذا الجواب بعدم وجود قضيّة كلية جامعة حقيقة بين مسائل علم الاصول هي علّة هذا الغرض الواحد الذي هو الاقتدار على الاستنباط ، نعم هذه القضية الجامعة واحدة بالنوع او بالعنوان.
ولتوضيح ذلك نبيّن أوّلا قاعدة «الواحد لا يصدر إلا من واحد» فنقول :
إنّ كلمة «الواحد» في الفلسفة تطلق ويراد منها احد ثلاثة معان :
الاوّل : معنى الواحد الشخصي ، وله ثلاثة أنحاء :
١ ـ فامّا ان يكون واحدا من جميع الجهات ، وهو الباري عزوجل ، بمعنى انّه عين الوجود ، والوجود لا يتثنّى ولا يجمع ، فلا يقال وجودان او ثلاثة وجودات ، وذلك لانّ منشأ التعدّد بين الموجودات هو الامتياز بينها ، ولا امتياز بين وجود ووجود ـ من حيث الوجود وإن يوجد بينهما تمايز من حيث الماهيّات او الاعراض ـ فلا تعدّد في ذاته تعالى ، ولذلك قال تعالى في بيان ذلك «قل هو الله أحد» ولم يقل قل هو الله واحد ، وذلك لانّ الواحد يقبل الاثنينيّة باضافته الى واحد آخر ، وأمّا الاحد فلا يقبلها ، وهذا ما يعبّر عنه في علم العرفان ب «مقام الذات الأحديّة» الذي هو فوق «مقام الأسماء والصفات» والتعدّد بالجهات.
٢ ـ وإمّا ان يكون واحدا من حيث التركيب الخارجي وعدمه ، كالمجرّدات (وهي ما ليست بمادّة كالعقول والنفوس) ، فانّها ليست مركّبة من