__________________
مادّة وصورة.
٣ ـ وإمّا ان يكون واحدا بلحاظ الخارج ، كزيد من الناس ، فانّه وإن كان مركّبا من مادّة (وهي البدن) وصورة (وهي النفس الناطقة) ، إلّا انّه واحد خارجا ، وكذا الكتاب الفلاني والحائط ونحو ذلك.
الثاني : الواحد النوعي ، وقد يعبّر عنه الواحد بالنوع ، وهو عبارة عن الجامع (الكلّي) الحقيقي بين ذاتيّات افراده ، كالانسان بلحاظ زيد وعمرو ... او قل الانسان بالحمل الشائع الصناعي.
الثالث : الواحد العنواني ، وهو الجامع بين اعراض المصاديق بنحو الاشتقاق كالطويل والاسود ... او قل بنحو العرضي لا بنحو العرض (كالطول والسواد) ، وهذا الجامع ـ كما ترى ـ جامع عرضي لا حقيقي.
بعد ان عرفت إطلاقات كلمة «الواحد» نقول :
إنّ قاعدتي «الواحد لا يصدر إلّا من واحد» و «الواحد لا يصدر منه إلّا واحد» مرجعهما الى قاعدة واحدة وهي قاعدة «لزوم السنخيّة بين العلّة ومعلولها» ، بمعنى ان المعلول لا بدّ وان يسانخ علّته ، فهو ظلّ لها وشأن من شئونها.
(إن قلت) بناء على هذا فكيف صدر من الباري عزوجل وهو الواحد الاحد الكثير؟!
(قلت) قد يجاب على ذلك بانّ الجهة التي صدرت منها هذه الكثرة ليست هي «مقام الذات الاحديّة» ، فانّه ليس في هذا المقام تعدّد جهات ، وانّما هي «مقام الذات الواحديّة» وهو «مقام الأسماء والصفات» ، ومن هذا المقام خلق الله تبارك تعالى الصادر الاوّل الذي فيه جهة الامكان ، وبها افترق عن الواجب تعالى ، وفيه تعدّد الأسماء والصفات ، ثم صدر بواسطة الصادر الاوّل الصادر الثاني بتضييق حدود وجوده فتنزّل بذلك عن «مقام الوجود المنبسط» الذي هو مقام الصادر الاوّل ، وهكذا تتنزّل الوجودات ... الى ان يصل الصدور الى عالم المثال ثم الى عالم المادّة ... ومن هنا قالوا «اين