أحدهما الاحكام التكليفية ، والآخر الاحكام الوضعيّة ، وقد عرفنا سابقا نبذة عن الاحكام التكليفية (١) ، وامّا الاحكام الوضعية فهي على نحوين :
الاوّل : ما كان واقعا موضوعا للحكم التكليفي كالزوجيّة (٢) الواقعة موضوعا لوجوب الانفاق ، والملكية الواقعة موضوعا لحرمة تصرّف الغير في المال بدون إذن المالك.
__________________
(١) فائدة : يقال في اللغة : التكليف هو الحمل والبعث على فعل شاقّ.
لكن توسّع علماؤنا في هذه اللفظة لاسباب معروفة ـ ذكروها في كتاب توضيح المراد ص ٥٨٠ وغيره ـ فاطلقوا لفظة «الاحكام التكليفية» على الاحكام الخمسة المعروفة «الوجوب الاستحباب الاباحة ...» ولا مشاحة في الاصطلاحات.
(٢) يقصد كحكم الله تعالى بالزوجية (لان الحكم الشرعي مركّب من مبتدأ وخبر) والملكية.
__________________
(اذا) عرفت هذا تعرف ان الاحكام الوضعية هي أيضا مبادئ تصديقية كحكم الشارع بالملكية والطهارة ونحوهما ، وهي المبادئ الناظرة الى موضوعات الاحكام التكليفية ، وان الاحكام التكليفية هي مبادئ تصديقية ، كترتيب وجوب النفقة على الحكم بالزوجية.
ويحسن ـ ونحن في هذا المقام ـ ان نذكّر الاخوة الطلبة أن قول الشارع مثلا «لا يجب الفحص عن النجاسة» ليس بحكم شرعي أيضا ، ذلك لانّ هذا يقبل الاستحباب والكراهة والاباحة ، فهو مهمل من هذه الجهة ، ولا اهمال في عالم الجعل ، بل في عالم الجعل كل الاحكام محدّدة ، لانّ الاهمال في عالم الجعل امّا يرجع الى الجهل وهو محال على المولى تعالى ، وإمّا الى نقص الشريعة وهو باطل عندنا ، واطلاقنا عليه احيانا حكما شرعيا انما يكون بسبب تحدّده من جهة ، وهي جهة مقابلته للوجوب ، وهذا الاطلاق ـ كما علمت ـ فيه تساهل ، فتأمّل.