وبكلمة أخرى إن الجزئية للواجب من الامور الانتزاعية الواقعية وإن كان وعاء واقعها هو عالم جعل الوجوب ، فلا فرق بينها وبين جزئية الجزء للمركّبات الخارجية من حيث كونها امرا انتزاعيا واقعيا ، وإن اختلفت الجزئيّتان في وعاء الواقع ومنشأ الانتزاع ، وما دامت الجزئية امرا واقعيا فلا يمكن ايجادها بالجعل التشريعي والاعتبار (*).
وأمّا القسم الاوّل فمقتضى وقوعه موضوعا للاحكام التكليفية عقلائيا وشرعا (١) هو كونه مجعولا بالاستقلال لا منتزعا عن الحكم التكليفي ، لأنّ موضوعيّته للحكم التكليفي تقتضي سبقه عليه رتبة مع ان انتزاعه يقتضي تأخّره عنه.
وقد تثار شبهة لنفي الجعل الاستقلالي لهذا القسم ايضا بدعوى انّه لغو ، لانّه بدون جعل الحكم التكليفي المقصود لا اثر له ، ومعه لا حاجة الى الحكم الوضعي ، بل يمكن جعل الحكم التكليفي ابتداء على نفس
__________________
(١) «عقلائيّا وشرعا» متعلّقان ب «وقوعه» ، امّا وقوعه موضوعا للاحكام التكليفية عقلائيا فكحرمة تصرّف المكلف بمال غيره إلا باذنه ، فانّ ممنوعية التصرّف باموال الآخرين واضح حتّى عند غير المتدينين باىّ دين سماوي فهذه الحرمة هي حرمة عقلائية امضاها الشارع المقدّس لكن ضمن حدود معيّنة ... ، وامّا وقوع الاحكام الوضعية موضوعا للاحكام التكليفية شرعا فكحرمة الجمع بين الاختين ، فانّ هذه الحرمة عرفناها من خلال الشرع وليست واضحة عند العقلاء.
__________________
(*) ومعنى ذلك ان الاحكام الوضعية هو القسم الاوّل فقط.