__________________
تبعيّة المعلول لعلّته وهذه التبعيّة منذ الأزل ، فعلم الله تعالى بقبح الظلم وحرمة التتن منذ الازل ، وليس الخطاب الآتي الينا إلّا كاشفا عن هذا الحكم الازلي.
ثالثا : لو فرضنا ان شريعة الله تعالى كانت ناقصة قبل الاجتهاد.
فان حكم المجتهد بخلاف الحكم المناسب لملاك الموضوع فهو حكم خاطئ ، حاشا لله ان يحكم بذلك.
وان اختلف مجتهدان في الحكم وحكم الشارع بهذين الحكمين فستختلف الاحكام الواقعية وهذا لا يقبله الصبيان فضلا عن العقلاء فضلا عن رئيس العقلاء.
رابعا : بما انّا فرضنا انه لم يصل دليل قطعي على الحكم الى المكلّف فيتعيّن عليه حينئذ ان يرجع الى دليل حجّة ليعطيه وظيفة عملية فقط لا غير ، هذا الحكم ـ بما انّه هو بنفسه لا يدّعي الاصابة لانّ نفس المجتهد لم يعرف تمام الملاك ليحكم على اساسه ـ فسيكون في مرتبة الاحكام الظاهرية تلقائيا ، لا في مرتبة الاحكام الواقعية التي تكون فيها الاحكام ناظرة الى الملاكات الواقعية.
خامسا : انكم قد اجمعتم على وجود حكم واحد واقعي في الشرعيات القطعية ، واختلفتم فيما لا دليل قاطع عليه أسواء صدر فيه نص ام لم يصدر ، وهذا لا يناسب كلامكم ، فانّ الجهل بسند الحديث او بدلالته انما هو بالنسبة لنا نحن البشر العاديّين لا بالنسبة الى الباري عزوجل ورسوله الاعظم صلىاللهعليهوسلم ، ولذلك كان يلزم ان تخصّوا النزاع فيما لم يصدر فيه نص واقعا ، وانّى لكم ان تعلموا بعدم صدور نص في الواقع ، فقد يكون قد صدر ولم تعلموا به.
وامّا على مبنانا فقد ذكرنا وجود روايات متواترة على انّ لله في كل واقعة حكما حتّى ولو فرضنا عدم صدوره.
(وامّا) الوجه الثاني فيرد عليه ما ذكرناه قبل اسطر من الردّين الثالث والرابع من استحالة ان يحكم الشارع المقدّس بحكم خاطئ لا يناسب الملاك ، ولزوم كون حكم المجتهد في مرتبة الظاهر اضافة الى انّه لا موجب لتبدّله في مرتبة الجعل.
__________________
(أ) راجع جمع الجوامع وشروحه.