فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليهالسلام : « فَمَنِ الْمُبَلِّغُ عَنِ اللهِ إِلَى الثَّقَلَيْنِ مِنَ (١) الْجِنِّ وَالْإنْسِ ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) (٢) (٣) وَ ( لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) (٤) وَ ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) (٥)؟ أَلَيْسَ مُحَمَّدٌ؟ » قَالَ : بَلى ، قَالَ : « كَيْفَ (٦) يَجِيءُ رَجُلٌ إِلَى الْخَلْقِ جَمِيعاً ، فَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، وَأَنَّهُ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ بِأَمْرِ اللهِ ، فَيَقُولُ (٧) : ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) (٨) ، وَ ( لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) وَ ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا رَأَيْتُهُ بِعَيْنِي ، وَأَحَطْتُ بِهِ عِلْماً ، وَهُوَ (٩) عَلى صُورَةِ الْبَشَرِ؟! أَمَا تَسْتَحُونَ (١٠)؟ مَا قَدَرَتِ الزَّنَادِقَةُ أَنْ تَرْمِيَهُ بِهذَا أَنْ يَكُونَ يَأْتِي مِنْ عِنْدِ اللهِ (١١) بِشَيْءٍ ، ثُمَّ يَأْتِي بِخِلَافِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ».
قَالَ أَبُو قُرَّةَ : فَإِنَّهُ يَقُولُ : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ) (١٢)؟
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليهالسلام : « إِنَّ بَعْدَ هذِهِ الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلى مَا رَأى ؛ حَيْثُ قَالَ : ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) (١٣) يَقُولُ : مَا كَذَبَ فُؤَادُ مُحَمَّدٍ مَا رَأَتْ (١٤) عَيْنَاهُ ، ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا رَأى ، فَقَالَ : ( لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ) (١٥) فَآيَاتُ اللهِ غَيْرُ اللهِ ، وَقَدْ قَالَ اللهُ : ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) (١٦) فَإِذَا رَأَتْهُ الْأَبْصَارُ ، فَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ الْعِلْمَ (١٧) ، وَوَقَعَتِ الْمَعْرِفَةُ ».
__________________
(١) في التوحيد : ـ « من ».
(٢) في التوحيد : + « وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصرَ ».
(٣) الأنعام (٦) : ١٠٣.
(٤) طه (٢٠) : ١١٠
(٥) الشورى (٤٢) : ١١.
(٦) في التوحيد : « فكيف ».
(٧) في التوحيد : « ويقول ».
(٨) في التوحيد : + « وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصرَ ».
(٩) في « بر » : ـ « وهو ».
(١٠) في حاشية « ج ، بح » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني والتوحيد : « أما تستحيون ».
(١١) في « ب ، بح ، بس » وحاشية « بر » والتوحيد : « يأتي عن الله ».
(١٢) النجم (٥٣) : ١٣.
(١٣) النجم (٥٣) : ١١.
(١٤) في حاشية « بس » : « زاغت ».
(١٥) النجم (٥٣) : ١٨.
(١٦) طه (٢٠) : ١١٠.
(١٧) كذا في « ش ، جو » ، أي بنصب العلم ، وقد يأتي التميز بلفظ المعرفة ، نحو : وطِبْتَ النفسَ يا قيس عن عمرو. راجع : البهجة المرضيّة ( للسيوطي ) بحث التمييز. وفي « بو » : « أحاط ». وفي حاشية « بح » : « تأنيث الفعل باعتبار أنّ العلم بمعنى المعرفة ».