إِلى خَلْقِهِ ، لكِنْ هذَا مَعْنى مَا قَالَ مِنْ ذلِكَ ، وَقَدْ قَالَ : « مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً ، فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ ، وَدَعَانِي إِلَيْهَا » وَقَالَ : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) (١) وَقَالَ : ( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) (٢) فَكُلُّ هذَا وَشِبْهُهُ (٣) عَلى مَا ذَكَرْتُ لَكَ ، وَهكَذَا الرِّضَا وَالْغَضَبُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَشْيَاءِ مِمَّا يُشَاكِلُ ذلِكَ ، وَلَوْ (٤) كَانَ يَصِلُ إِلَى اللهِ الْأَسَفُ (٥) وَالضَّجَرُ (٦) ـ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَهُمَا (٧) وَأَنْشَأَهُمَا (٨) ـ لَجَازَ لِقَائِلِ هذَا أَنْ يَقُولَ : إِنَّ الْخَالِقَ يَبِيدُ (٩) يَوْماً مَا (١٠) ؛ لِأَنَّهُ إِذَا دَخَلَهُ الْغَضَبُ وَالضَّجَرُ ، دَخَلَهُ التَّغَيُّرُ (١١) ، وَإِذَا دَخَلَهُ التَّغَيُّرُ (١٢) لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ الْإِبَادَةُ (١٣) ، ثُمَّ لَمْ يُعْرَفِ (١٤) الْمُكَوِّنُ مِنَ الْمُكَوَّنِ ، وَلَا الْقَادِرُ مِنَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ ، وَلَا الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِ ، تَعَالَى اللهُ عَنْ هذَا (١٥) الْقَوْلِ عُلُوّاً كَبِيراً ؛ بَلْ هُوَ الْخَالِقُ لِلْأَشْيَاءِ لَالِحَاجَةٍ ، فَإِذَا كَانَ لَالِحَاجَةٍ ، اسْتَحَالَ الْحَدُّ وَالْكَيْفُ فِيهِ ، فَافْهَمْ
__________________
(١) النساء (٤) : ٨٠.
(٢) الفتح (٤٨) : ١٠.
(٣) يجوز عطفه على « هذا » أيضاً.
(٤) في « ض » وحاشية « ج » : « فلو ».
(٥) « الأسف » : أشدّ الحزن. وأسف عليه : غضب ، وآسفه : أغضبه. انظر : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٣٠ ( أسف ).
(٦) « الضجر » : القلق والاضطراب من الغمّ ، أي هو اضطراب النفس وتغيّرها ؛ خوفاً من فوات المقصود أو لحوق الضرر. انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧١٩ ( ضجر ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٢٩٩.
(٧) في التوحيد والمعاني : « أحدثهما ».
(٨) في « ج ، ف ، بح ، بر ، بس » وحاشية « ض » : « وأشياعهما ». وفي شرح المازندراني والوافي : « وأشباههما ». ولعلّ المراد بالأشياع : الآثار.
(٩) « يبيد » : يهلك. يقال : باد الشيء أي هلك ، والإبادة : الإهلاك. انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٥٠ ( بيد ).
(١٠) في « بف » وشرح صدر المتألّهين : ـ « ما ».
(١١) هكذا في « ب » وحاشية « ف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني. وفي المطبوع وسائر النسخ : « التغيير ».
(١٢) هكذا في « ب » وحاشية « ف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني. وفي المطبوع وسائر النسخ : « التغيير ».
(١٣) في الوافي : « بالإبادة ».
(١٤) في التوحيد والمعاني : « ولو كان ذلك كذلك لم يعرف » بدل « ثمّ لم يعرف ».
(١٥) في شرح صدر المتألّهين : « ذلك ».